أعلن السيد المالكي قبل أيام ، انتهاء أزمة الكهرباء ، وتعجبت من هذا الأعلان المتسرع ، فقد أختير موعد هذا الأعلان في فترة الحضيض الاستهلاكية ، حيث الجو المعتدل ، فلا تكييف ، ولا مبردات ، ولا حتى مراوح ، لأني أعرف (البير وغطاه) كمهندس كهرباء ، كان من المفترض ان يكون هذا الأعلان ، بشرى سارّة تأخرت كثيرا ، ليست كالبشارات السارة التي تزفها لنا الأعلانات التجارية مرارا ، ولكن المواطن قد أملى عليه يأسه المزمن بأن يعطي لهذا الأعلان – البشرى (أذن من طين وأذن من عجين) ، ولكون الكهرباء قد عادت كما عادت (حليمة الى عادتها القديمة) ، بمجرد انخفاض درجة الحرارة بضع درجات مئوية ، وصاحَب هذا الأعلان كيل الاتهامات لكل مَن شكّك بانتهاء الأزمة ، فالغرض دعائي اذن ، وهنالك العديد من التبريرات الجاهزة التي قد تنطلي على المواطن العادي عند عودة تدهور الطاقة من جديد ، تارة بسبب الأمطار الغزيرة ، وتارة بسبب الغبار ، والأخرى بسبب انخفاض ضغط الغاز ، وغيرها من التبريرات التي لا شأن للمواطن المسكين بها ، سوى ان تصل الطاقة الى عتبة داره .
لقد تكبد المواطن الكثير من الخسائر الهائلة التي تُقدّر بمليارات الدولارات، وهذه الأموال لا تحتسبها الحكومة لأنها ببساطة لا تهتم بنزيف مال المواطن من جيبه ، حيث أجور الأسلاك المرتفعة ، والتي كثيرا ما تُسرقْ ، أو (تحصدها) سيارات الحمل العالية ، او تنقطع بسبب العواصف ، بالاضافة الى وقوع المواطن تحت سطوة اصحاب المولدات ، الذين كثيرا ما يتحدّون قرارات الدولة بدعم سعر (الگاز) ، أو بساعات التشغيل ، أو بسعر (الأمبير) ، البعض منهم يعمد الى تقليل الجهد أقل من 220 فولت ، فلا تعمل (أجهزة الحماية) ، ويقل الضغط عن المولدة خاصة في فترة الحر ، معظم المنازل المشتركة تبعد كثيرا عن المولدة ، وهذا يسبب هبوط الجهد ، فترى مصباحه وقد تحول الى (فانوس) ، كذلك عدم استقرار التيار الكهربائي بسبب عدم وجود سلك متعادل (بارد) مع المولدة ، فتراها تصعد وتهبط الى درجة تصيب البعض بالجنون بسبب رقصات الأضواء وكأنها قاعات (ديسكو) داخل البيوت رغما عنهم ، وخطرها على الأجهزة الالكترونية وبقية الأحمال التي تتطلب تيارا مستقرا ، معظم هذه المولدات صار متهالكا ، وتسبب تلوّث بيئي خطير ، ناهيك عن منظر الأعمدة القبيح وكأنه نسيج عنكبوت يتحدّانا ببقائه ، هذه الأعمدة المكهربة ، قلما يخلو زقاق ما ، من شاب قُتِل مكهربا بسببها ، وبعدها يطوق المحسنون من الناس هذه الأعمدة بالمواد العازلة لأتقاء شرها ، هذا الاهمال ، هو أرهاب لكن برأس جديد .
ولو سلّمنا ان طاقة الأنتاج كافية ، فيجب أن يصاحب ذلك مضاعفة أعداد محولات الضغط العالي ، بدلا من تحميل المحولات الحالية أضعاف طاقتها فتتعطّل لأيام ، وتبديل اسلاك الأعمدة المقطّعة والموصولة جزافا وكأنها حبال غسيل ، واستبدال (الشغل اللزگي ) ، بأعمال ذات معايير عالية تصمد أمام الأمطار وعوامل الجو ، ولكن أنّى لنا ذلك ووزارة الكهرباء تستخدم تلك (الخربطة) كسلاح و(خط رجعة) لاعلانها الناري .