هكذا بدأت .
قصة مثل اكثر القصص التي يشعل اوار لهيبها جهل وهمجية وعصبية متوحشة كفرس شموس تركل بقوائمها كل الطيبات وتقضي على خيرات الحياة .
لو لم يترك ابو حمدان منزله الاول ولو لم يبادر الى السكن في هذا المنزل الذي اقام وليمة كبيرة يوم اكمل بناءه وفرح فرحا شديدا وهو يبيت لياليه الاولى التي ظن انها ليال فرح وسرور غير ملتفت لحقيقة واضحة وخسارة فادحة وهو انه وان سكن في منزل جديد الا انه اضاع كنزا عظيما ما كان ليشعر بألم حرمانه منه الا حين حلت به الفاجعة ولات حين مندم.
حين اخبر ابو حمدان زوجته التي اكملت للتو ترتيب الغرفة الصغيرة المغلفة بورق الجدار لتخفي بعض الشقوق التي احدثتها يد القدم انه عزم على بناء منزل جديد لهم في ارضه الزراعية فغرت فاها لبضع ثوان وإذ لم يستطع ان يعرف حقيقة ردها اعاد كلماته للمرة الثانية.. وسألها قائلا ..ها ما رأيك…؟ لم تحر جوابا وبدى كأنها غير معنية بالسؤال مما اغاضه فصرخ قائلا: الست اكلمك …سمع صوتها كانت عبارتها محددة وقاطعة …لا…لا اريد ان افارق هذا المنزل..!
اتسعت عيناه وارتسمت على محياه ملامح غضب عارم كظمه ولم يبده وعجب من نفسه كيف فعل هذا فهو لم يتعود كظم الغيض لكن مفاجئة رفض زوجته ترك منزل قديم والانتقال الى منزل جديد جعلته مرتبكا ولا يكاد يتبين حقيقة امره او يلتفت الى تصرفه. ايقظه صوت زوجته وهي تقول ان لمنزلنا كنز ثمين وهو لا يقدر بثمن وبعد لحظات صمت استطردت قائلة: لو قبلت مشورتي فأنا اشير عليك ان تعيد بناء بيتنا هذا ولا تبادر الى الانتقال الى دار اخرى خاصة في ارضنا الزراعية.
اثارت كلماتها غضبه وصرخ بها : لا يمكن ان تتغيري تظلين جاهلة مهما فعلت لك الا تعلمين اننا في ارضنا الزراعية نستطيع ان نفعل الكثير ونتخلص من معاناة الذهاب والاياب اليومي ويمكن ان نتوسع في زراعتنا وزيادة اعداد مواشينا .
لم تحر جوابا فهي تعلم ان كلماتها واجوبتها لا تجدي نفعا فهو مستبد في رأيه ولا يقبل مشورة احد وان بادر الى طلبها من الآخرين ..نفسه فقط
وعقله فقط , يعتبر انه الاكثر فهما وعلما ومعرفة بظواهر الامور وبواطنها انه الاستبداد بعينه لكنه يعلن وبملء الفم انه الاكثر تسامحا والاكثر محبة وانه يعمل الخير دائما ويراعي الاخرين ومصالحهم مهما كلفه الامر لذا لم تجبه بغير عبارتها الاولى وهي ان لمنزلنا كنز ثمين لا تجده في مكان آخر……………….
…..
ليلة الامس ليلة الدم وفي لحظاتها الرهيبة تذكر كلمات زوجته التي اراحها الموت في ريعان شبابها ان تشهد هذه المآسي حيث عجل صباحا في الرواح الى النهر ليروي ارضه التي جفت مروز ها بفعل شحة المياه ما دعاه لطلب حصة الرشن من احد مجاوريه في الارض فمنحه اياه لكن الذي حدث هو اعتراض جاره في الارض الزراعية وعبثا حاول تفادي الامر الذي تحول الى شجار وتلاسن ثم فوجئ بضربة على رأسه افقدته الوعي وبعد عدة دقائق افاق على صوت اطلاقات النار التي اردت احدهم قتيلا ثم توالت الاطلاقات من كل جانب وازدادت بهذا اعداد الجرحى والقتلى وتوسعت دائرة الارهاب والجريمة والضحايا لتشمل الكثير الكثير ما سيجعل نهر الدم جاريا بعنفوان فوار الى امد لا يعلم مداه هنا عض على انامله ندما اذ ترك كنزه الثمين في داره القديم جيرانه الطيبين الذين سارعوا اليه مواسين ومعاونين بين دموعه الجارية الحارة لمعت ابتسامة فرح اذ بادروا اليه مسرعين رغم الخطر وعرف ان الجار قبل الدار .