اعتمد الاعلام على النتيجة النهائية وهي عملية ضرب الرتل من قبل طيران الجيش والقوات الجوية ولم يبتعد كثيرا عن الاسباب والمسببات التي جعلت من هذه القوة العملاقة تخرج بهذه الصورة الفوضوية كاشفة عن ظهرها ولم تحسب حسابات دقيقة للخروج بأمان من هذه المحرقة لعلم المتتبعين أن داعش يضم قادة وضباط عراقيين مخضرمين خدموا في الجيش العراقي والحرس الصدامي وهؤلاء لا يقدمون على خطوة عسكرية مثل هذه دون ان يحسبوها بدقة الا لأمر واحد فقط هو حصول اتفاق بين بعض الجهات السياسية والعسكرية بوساطة عربية وربما من قبل السعودية للخروج من الفلوجة وعدم تعرضهم لأي خطر من قبل القوات المتواجدة ولعل هذا الاتفاق وهو المرجح تم دون اشراك قادة الحشد الشعبي اللذين كانوا يتابعون تلك القوات بعد عبورها النهر نحو الضفة الاخرة ضفة الحلابسة التي تعتبر بر الامان لهم وهؤلاء الدواعش تعرضوا ايضا لمجزرة قبل يومين بعد أن انطلت عليهم حيلة السماح لهم بعبور النهر دون قتال ليخرجوا جميعهم من مكامنهم ويخوضوا في النهر بكامل عددهم وعدتهم بعضهم سباحة وبعضهم على القوارب لتخرج لهم قوات من على ضفتي النهر وتبيدهم عن بكرة ابيهم هذه لمجزرة لم يتطرق لها أحد لا أعلاميا ولا عسكريا .
بالتأكيد عدم اشراك قوة فعالة مثل الحشد الشعبي كما هو مرجح في اتفاق السماح للقافلة من الخروج الى الصحراء بأمان كان خطأ جسيما لان المتفقين نسوا الثقل الكبير التي تلعبه قادة الحشد الشعبي على القرار العسكري لتواجدهم في غرف العمليات مع قادة تحرير الفلوجة وهذا ما جعل قادة الحشد وقواته يصرون على ضرب القافلة وفعلا اول من بدأ بمقاتلة قوات داعش حزب الله بمقاتلتهم وحرق اكثر من عشرين عجلة ومن فيها واصرار هؤلاء القادة على ضرب القافلة بالطائرات والضغط على الدفاع ورئاسة الوزراء وقيادات الطيران والقوة الجوية. ان هذه الضجة الاعلامية والشعبية والتهويل الكبير لقافلة الفارين من الدواعش تجعلنا نقف أمام أزمة إعلامية ومعلوماتية حقيقة تخدم العدو بالدرجة الاولى فتحوّل هزيمته وانهياره الى رعب الأمر الذي لابد من اظهار الحقائق دون تهويل أو تمييل فما حدث لم يكن إلا هزيمة نكراء لم يشهد مثيلاً لها من قبل في كل معاركنا مع داعش ما جرى في الوقت الذي تقدمت قواتنا (من حشد شعبي وشرطة اتحادية ومكافحة ارهاب ورد سريع) من جنوب الفلوجة وشرقها حتى وصلت شارع بغداد في وسط الفلوجة تحركت مجموعة محاور من الحشد في القاطع الشمالي متجهة جنوبا الى الاحياء الشمالية للمدينة فحررت منطقتي الجغيفي والمختار ووصلت الى السكة الحديد التي تحد المدينة من شمالها كما استطاعت ان تقطع الازركية عن أحيائها الشمالية.تسبب هذا الوضع في تضييق الخناق على الدواعش ما جعلهم يفكرون بالانسحاب فيمن بقي منهم حياً فلم يجدوا أمامهم غير منطقة الحلابسة الواقعة في الجهة الغربية من النهر فعبروا اليها يوم 23/6 من خلال الجسر الحديدي الذي فجروه بعد ان عبرت آخر عجلة تمكنوا من اصطحابها فيما تركوا مجموعة قليلة من مقاتليهم للمشاغلة لم تتمكن من الصمود سوى يومين اثنين اُعلن بعدها عن تحرير الفلوجة بالكامل وذلك يوم 26/ 6
كان عدد من تمكن من الوصول الى الحلابسة يقدر بـ 750 مقاتل يشكل الاجانب نسبة أكثر من 10% يرافقهم عدد قليل من العوائل تخص قياداتهم.
خلال اليومين التاليين استطاع أكثر المسلحين التسرّب مع العوائل وفي شكل مدنيين نازحين الى المناطق الامنة ولم يبقَ في الحلابسة سوى المسلحين الاجانب والمسلحين الفارين من جرف الصخر بعد تحريرها الذين لا يزيد عددهم عن 250 مقاتل مع قياداتهم العسكرية في يوم 28 / 6 بدأ هؤلاء بالتحضير للخروج بآلياتهم المكونة من سيارات صغيرة ومتوسطة تحمل أنواعا مختلفة من اسلحة متوسطة وخفيفة ومع غروب الشمس باشر أفراد منهم إحداث ثغرة في الساتر عند نقطة قريبة من تقاطع السلام وكان ذلك يجري على مرأى ومسمع من القوات المتواجدة في المنطقة وفي تمام الساعة الثامنة بدأت اول مجموعة تتكون من اكثر من 20 عجلة بالخروج من المنطقة عبر نفس الثغرة ويرجح ان يكون القائد العسكري للدواعش في قاطع الفلوجة موجوداً في هذه المجموعة.
لم تتعرض لهذه المجموعة القوة العسكرية المتواجدة في القاطع بحجة ان القوة كبيرة ولا قدرة لهم بالتحرش بها وكانت وجهتها الجنوب الغربي لكنها حين مرت بسيطرة المتين باشرت السيطرة بقتال المجموعة لكنها توقفت بعدما تلقت ضربة بالقرب منها من مقاتلة امريكية أدت الى اصابة بعض افرادها بجروح بهدف منعهم من الاستمرار بحجة كون العجلات تضم اطفالاً ونساء برفقة الدواعش.
في اثر ذلك تحركت مجموعتان أخريان من الدواعش لتسلك الطريق نفسه كانت المجموعتان تتكونان من 75 عجلة تقريبا لكن هاتين المجموعتين واجهت في طريقها قتالاً شرساً أباد أكثرها الاولى في منطقة المكسّر حيث كان رجال كتائب حزب الله بانتظارهم فأحرقوا منها عشر عجلات وفر الباقون ليلاقوا الحملات الجوية التي نفذها طيران الجيش والقوة الجوية التي أحرقت منها أكثر من 60 عجلة.
وبذلك لم يتمكن من النجاة من المجموعتين الاخيرتين سوى عجلتين او ثلاث مضافا الى العجلات العشرين في المجوعة الاولى.
العجلات الناجية صعدت الى طريق الكيلو 160 ومنه الى القائم لتتوجه منه الى سوريا.
منطقة الحلابسة الان خالية من العدو تماماً وبذلك فقد طهُر كل قاطع الفلوجة من الدواعش.
لم يكن الاعلام موفقا برصد هذه التحركات ونقل الصورة على حقيقتها لاعتماده على عدة تصريحات من قبل القادة الميدانيين المتواجدين في عدة محاور في منطقة الفلوجة في وسطها وفي أطرافها وفي اتجاهات مختلفة وبالتالي فكل من هؤلاء القادة يدلي بحسب ما يراه في محوره ..
ما حصل في الصحراء كانت انتكاسة كبيرة لا اعتقد ان داعش ينساها ابدا وستؤثر كثيرا على حسم المعارك القادمة بسهولة من قبل الجيش العراقي والحشد الشعبي ..
[email protected]