لا ادري !! كيف قطعت وثاقي بسكين الشوق ؟! ولا كيف كسرت قيدي بمطرقة الحنين؟! صارت روحي طليقة باجنحتها البيضاء، تهفو الى ربوعه ، وترنو الى وارف ظلاله ، وتشتاق الى اءفياىه —واتوق الى ثمرات العمر —ارسمها بامل حنوه ، ووسيلته —علي اضع في جعبتي حلاوتها، وانام قريرا ملء جفوني قطعت الظهيرة تاءملاتي —فتدحرجت كفسيل اعوج تحت فراشي الرث القديم —الذي اءبلته الليالي ،واكلته الايام—وجدت الدفء ،والحنان ،لشدة ارهاقي ،ونصبي —فارقت روحي الحياة ،باغماضها جفني —جاء الكرى يحملني بين ذراعيه —واءسعد نفسي بالاستسلام اليه—كاءني طفل دس فمه الصغير في ثدي حنون —راءيت في حلمي فانوسا ،ينبعث منه ضوء ساطع ،ابيض —اءضاء دربا مزدانا باشجار النخيل ،والليمون—عرفت بعد ان فتحت عيني ، انه يدعوني الى عزمي —فشددت مىزري . صار الوقت عصرا بعد ي يقظتي —اصفر وجه الشمس —واءخذت اءشعتها الذهبيه —تسير متعبة، كسولة ، ترسل خيوطها باعياء ، وببطء ،كان النهار اءتعبها —اتخذت طريقي بين بساتين النخيل والليمون —تاركا الشارع المبلط —يحتضن بلسانه الاسود الطويل ،الناس ،والعربات ، و(الكلاب الساىبه ) !! اءناشيدي كنت ارتلها —وادق احيانا على صدري بايقاعها ، كاءنها اغنية عاشق ،فانا مثله —لكن عشقي اكبر ،واجمل !! خطواتي،ترسم الدرب —تبتلع الخطوات ،وتعبر العثرات تخلف وشمها على خد التراب الناعم —ما زلت على طربي اءسحق كل شيء دون وجل ؛ لكن اءلبسني الليل وشاحه الاسود —واءناخ علي بكلاكله ؛ وصرت اءرى كل شيء ، من حولي ،اءشباحا منتصبة من الاشجار والاحراش —وازداد الظلام حلكة ، لكن طريقي مستبين لي، تعثرت ببعض الاغصان اليابسة ،الملقاة في عرض الطريق ولم اعباء بها !! بعد فترة ، ظهر لي اني لست الوحيد في هذه الطريق —كان العشرات ،رجالا ،ونساء ، واطفالا ،وحدانا ،وزرافات ،لابل يزدادون ،كلما توغلت في عمق الطريق !! كنت بين حين واخر ، اءمر على بيوت خاوية ، جاثية في الظلام كالقبور ، تنفرج اءفواهها ،عن طفل او عجوز او شيخ ، يحمل الماء ،او يرشد الى سكة امنة، بعضهم يتوسل لدخول داره ،او لتناول طعامه —وجوههم ذابلة ، رقيقة ،صادقة ، متعبة،تملاء النفس بهجة ،وشفقة —وكان البعض يستجيبون ، وبعضهم يرفضون واخرون يتزودون ويواصلون المسير سبقت زوجين كادا يلتصقان ببعضهما ،سلمت عليهما ، وعبرتهما بادب —كان سكون الليل ،وغفوه ، يسمح لي كمنقار طير بالتقاط اي صوت ،واذا بالشاب يقول : *اتضعين كفك بكفي مهما حصل؟! -نعم اذا انحبنا ذكرا !! *واذا كانت انثى ؟! – لا *ولماذا؟! -ولماذا ؟! ءاليست بذرتنا ؟! *نعم ،اخاف عليها الظماء !! – كيف ؟! *فاطمة ابنة جا رتنا ،ابكيها كل ليلة —— وانقطع صوتهما لمواصلتي السير ،وحياىي منهما ؛واستراق السمع —لاحت امامي عجوز —اثقل الدهر ظهرها —ناءت بحملها ،فاحدودبت ،حتى كاد يلتصق وجهها بالارض —ما يدفعها عن السقوط سوى عصا غلبظة ،معوجة ايضا ؛ تتوكاء عليها—كانت تغط تحت عباءتها الصوفية السوداء ؛ تسير ببطء كاءنها سلحفاة على القارعة —لم تنس تلك العجوز ترديد ترنيمة للثوار ، بصوت متهدج ،لاهث !! سلمت عليها، ردت علي باقتضاب ،وساءلتني : *كم الساعة الان ؟! -الساعة ،الثانية ،صباحا ! راحت العجوز تثرثر، وكانها تخاطبني : *الليل سرير ،والفجر مخاض ؛؛ تصورتها تهذي ، او خف عقلها لكبر سنها ،لكن كلماتها لسعتني ، فانفلت لساني بقول سخيف : -الم تياءسي بعد هذا العمر ؟! *لا ،فانا ام (جعفر ) ؛؛ وازدادت ثقة بنفسها فقالت : اما سمعت عن ولدي (جعفر ) ؟!-لا تكن ضعيفا ؛؛ وهزت عصاها بوجهي —ارتعبت ،فقد سمعت عن ولدها (جعفر) —وعادت الي هواجسي المرعبة (( اه ،قد يسلخون جلدي —لا بل قد يقطعون راءسي —وقد لا اءرى شفاه اطفالي الوردية ابدا —قد تبقى زوجتي بثوب الحزن حتى الموت –قد ادفن حيا بلا كفن —بلا اسم وبلا عنوان —وقد ،وقد —!!!)) قفزت في الهواء ،دون ان اشعر —فقد افاقني من هواجسي حجر مسنن صدم قدمي ،تصاعد الالم الحاد حتى وصل الى قلبي—تدفقت الدماء ،ونهضت ،مواصلا سيري —اعرج ،لحق بي ،وسبقني جمع من الشباب ،والنساء ،والاطفال ،وجهاز التسجيل يترنم بصوت خفيض —كان بعضهم يقضم طعاما ، ويعضهم يخيف زملاءه مازحا ،وبعضهم يردد ما يقوله جهاز التسجيل ، وصغير يلوح براية ،صغيرة ،بيده —كان لكل منهم طموح يريده ان يورق ،ويخضر عوده ،واماني يحلم بها !! واجهت ما اءحذر ، ووقع ما خشيت ؛ اعطيت اشارة للاخرين دون ان اشعر ،قذفت نفسي في النهر المجاور —دفنت جسدي في الماء وبين القصب ،حميت راءسي ،باصل شجرة الصفصاف —لقد قطعت الطريق —تاهت الخطوات في الاحراش —وابتلعت السكك النظرات —فر الصغار كافراخ الدراج ،حينما يهاجمها صقر كاسر —بلغت القلوب الحناجر —واحترق المدار !!! لم يبق من جمعنا سوى زمجرة اللبوة العجوز —تدافع عن نفسها بشتاىمها ،وعصاها —ودوى الرصاص في الارجاء —وسقطت مضرجة لوحدها في الكمين -بحثت في الارض ،بقدميها الذابلتين ،ضعف صوتها ،وحشرجت مودعة (( الله اكبر —سلام على ابي الاحرار ،الحسين !!!))