11 أبريل، 2024 11:33 ص
Search
Close this search box.

الكليبتوقراطية وتأثير الفساد على الأمن

Facebook
Twitter
LinkedIn

تعرف النخب الكليبتوقراطية بأنها مجموعة تستحوذ على الدولة وتوظف المنظومة الحكومية بالكامل من أجل الإثراء الشخصي أو الجماعي، وان هذه المجموعة تبسط سيطرتها على أجهزة الدولة بما يخدم مصلحتها، ومن الصين وباكستان إلى مصر والعراق وميانمار، اذ تختلس مجموعات صغيرة من النخبة موارد الدولة وتسيطر على مؤسساتها من أجل مصالحها المالية الشخصية ومداومة إحكام قبضتها على سكانها، وقد ادى هذا الامر الى تفشي الفساد في الدول التي تتحكم بها النخب الكليبتوقراطية، وبالتأكيد لم يخلو هذا التطور السلبي من بروز تداعيات او آثار تمثلت ليس فقط في معاناة المليارات من الناس في جميع أنحاء العالم من تبعاتهِ، ولكنه أيضا يهدد أسس النظام العالمي القائم على القواعد المنظمة، وصولا الى تأثيره على امن الدول، نظرا لما تمتلكه النخب الكليبتوقراطية من تأثير في مؤسسات الدولة العليا على السياسة والأمن العالميين .
كما ويعرف الفساد بأنه إساءة استخدام السلطة المعهود بها لتحقيق مكاسب شخصية، وهو بهذا شكل من أشكال التخريب، وهو ايضا سوء استخدام النظام العام (غالبا النظام الحكومي) لتحقيق منفعة خاصة فردية كانت أو جماعية بدلاً من تحقيق منفعة عامة، وان استمرار الفساد في النظام يؤدي إلى تدهورهِ ليتحول من نظام يخدم المصلحة العامة إلى نظام يخدم بعض الفئات على حساب الآخرين، كما ان الفساد له اشكاله المختلفة فتارةً يكون على شكل رشوة، وتارة ًعلى شكل محاباة ومحسوبية او اختلاس الاموال، او الابتزاز والتزوير في الانتخابات، وان هذه الاشكال مكنت الأفراد والجماعات ذات الصلة بالنخب الكليبتوقراطية على انتزاع الثروات وإخفائها، وشجعت على شعور بقية افراد الدولة بالظلم والاستياء وخيبة الأمل وانعدام الثقة في المؤسسات الحكومية، وهو ما ادى الى تهيئة أرضية خصبة لاستقطاب المتطرفين، وهناك أمثلة لا تُحصى على تسبب الفساد في فشل الدول في مواجهة انعدام الأمن، ففي كينيا مثلا كان لممارسات الفساد الممنهج دورا في تقويض قدرة كينيا على معالجة انعدام الامن، وفي العراق فقد أذهل سقوط مدينة الموصل وعددا من المحافظات الاخرى في ايدي تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) عام 2014 العديد من المحللين والعسكريين، وقد ذهب هؤلاء الى اعتبار أن الفساد هو السبب الرئيسي وراء تفاقم حالة انعدام الأمن وعدم الاستقرار في هذه المناطق خصوصا لما عانته من استياء وشعور بالظلم وعدم المساواة، مما ادى ذلك الى خلق الظروف وتمهيد لطريق لتصبح مسرحا لحركات التمرد ولانتشار الجماعات المتطرفة وانعدام الامن في تلك المناطق، كما ووظف الفساد في بعض الحالات كسلاح في إطار السياسة الخارجية من أجل تقويض السيادة والأمن الوطنيين لدول يسعى آخرون لإحكام قبضتهم عليها، او اضعاف دولة منافسة لنشر الفساد فيها مثل وضع غير المناسبين في مناصب قيادية، لتفكيك الدولة واضعافها دون اللجوء الى الحروب والعقوبات .
ولا يخفى علينا ان هناك وسائل ساهمت في استمرار عمليات الفساد في العديد من البلدان، اذ مكنت العولمة وتطور الخدمات المالية العابرة للحدود الحكومات الفاسدة المنظمة من إخفاء الأموال المكتسبة من الفساد، وانتزاع الموارد على نطاق هائل من الشعوب التي تحكمها، وبهذا أصبحت كافة اشكال ووسائل الفساد تعد بمثابة تهديدا لأمن الدولة، وفي هذا الصدد حث وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري الحكومات على ان تجعل الفساد على رأس أولويات الأمن القومي، ووصفه بأنه خطر اجتماعي يؤدي للتطرف ويدمر الفرص .
وأخيرا نذكر ان الفساد يساعد على خلق الظروف التي تمهد الطريق لنمو النزاعات، وهو يديم الفقر وعدم المساواة والظلم ويهدر الأموال التي يمكن إنفاقها على التنمية والأمن البشري، ويسهل عمليات الجماعات المتطرفة ومجموعات الجريمة المنظمة، كما وقد تؤدي تبعات الفساد إلى هدر فرص التسويات السلمية في مناطق النزاع، وبما انه عنوان ورقتنا يخص تأثير الفساد على الأمن ودور النخب الكليبتوقراطية في ذلك، فأننا سنشير الى أهمية انتشال الفساد من قوى الامن، فالقوات المسؤولة عن الامن وبكل صنوفها عندما يفشي فيها الفساد، وحينما تتجرد من وظيفتها الاساسية والتي هي حماية الافراد والدفاع عن الوطن، وتنتقل الى وظيفة تحقيق اهداف النخب الكليبتوقراطية فهي تفسح المجال أمام جماعات مثل بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية وجماعات الجريمة المنظمة لتنمو، وإن عواقب سقوط مثل هذه القوات وخيمة جداً وتنعكس على أمن المواطنين والوطن ولا يمكن أن تتغاضى عنها الأوساط الأمنية .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب