23 ديسمبر، 2024 12:01 ص

الكلمة الطيبة… من احسن القول لله

الكلمة الطيبة… من احسن القول لله

الكلمة الطيبة الدواء المعالج لجميع أمراض الحقد والكراهية وسوء فهم الآخر، هي الأكسير الذي يقارب بين المتباعدين ، خير لك من الدنيا وما فيها ، تثمر الثمر النافع ،عكس الكلمة الخبيثة ” التي تفسد على الإنسان الدنيا والآخرة، وتجلب له شقاء كان في غنى عنه و قد تكون شرارة صغيرة تلد حريقاً عظيماً من الشقاء على صاحبها وعلى غيره” و الكلمة الطيبة اعلى الكلمات ، يقول جل جلاله في كتابه الكريم:﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ سورة فصلت اية 33 ،

الكلمة الطيبة بوابة للخيرالنازل والعطاء الفاضل والرحمة المشكورة التي لا تنقطع لمن يزرعها ، توحد الصفوف وتجمع الشمل ، وتؤلف بين القلوب ، وتقرب بين المتخاصمين، وتحبب بين المتباغضين، وتذهب أحقاد الصدور، وتعين على إصلاح ذات البين ، ينبغي أن تكون على صواب وقوة الارادة وبأساليب صحيحة وشفافة ،لأن الذي يدعى إلى الله بمضمون هزيل و غير متماسك وبأسلوب غير علمي و تربوي لا يعدّ عند الله مكلفاً أو مبلغاً . ويقول سبحانه وتعالى في هذا الحال:( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبّكَ بِلْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةَ الحسنةَ وَجَدِلْهُم بِلَّتِى هي أَحْسَنُ) سورة النحل:اية 125.

والكلمة المخلصة ، لها رصيد اذا كانت تعبر عن واقع وتخلق روحاً قيمة في نفوس الناس متى ما كانت صادقة مطابقة للواقع ، مخلصة يبتغي معها صاحبها وجه الله ، هذه الكلمة الطيبة للإنسان إذا نطق بها ربما أ معنى هذا أن أصلها ثابت ، يعني انها نابعة من ايمان لتصل الى قلب السامع فتكون هداية له ايضاً لان آثارها الحسنة العاجلة والآجلة على صاحبها تجعل له محبة بين الناس واحتراماً ومكانة مرموقة. وعلى من بلغت اليه اليقين.

عن الرسول عليه الصلاة والسلام : (( وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ))

الإسلام دين الله ، والله خالق الكون ، فهوا من عند خالق الكون ، والله عز وجل هو الذي قنن القوانين ، إذاً : هذا الدين يتوافق مع أدق القوانين التي قننها الله عز وجل ، البشرية مهما تحركت ، ومهما نشطت في البحث عن منهج صلحت نفوسنا . * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ *ابراهيم اية 25 .

الكلمة الطيبة ثمرة طيبة تخرج من نفس طيبة، وزهرة حسنة تقطفها يد كريمة من حديقة قلب معمور بالطيب وروائح الحب السليم. والكلمة الطيبة حروف مضيئة تنبثق من صدر يتلألأ بالنور، ويزهر بالسرور. تولد الكلمة الطيبة من ذلك المكان المشرق لتضيء القلوب والأرواح والوجوه. الكلمة الطيبة بسمة الحياة، وعطر الشفاه، وبلسم الجروح، وشفاء الجسد والروح. إن صاحب النفس الشريفة لا تضيق عليه الألفاظ والأساليب فيلجأ إلى القول السيء، بل لديه معجم رحب من الجمل النظيفة التي يستطيع أن يصل بها إلى مراده الحسن دون اللجوء إلى الكلمات الجارحة، ولو كانت على سبيل المزاح والدعابة، أو استرجاع الحق وإثباته.

الانسان يجب أن يجهد نفسه للوصول الى الكلمة الطيبة ويؤمن عن يقين بثواب الله عليها، وحسن جزائه لقائلها، وتصدر عن حب الخير للناس، وإرادة إدخال السرور عليهم. وتصدر الكلمة الطيبة من قوة عظيمة في الانتصار على النفس خاصة عند الخصام والجدال والعداوة، والقوي الحق هو الذي ينتصر على نفسه. قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب). أن يجعل سريرته كعلانيته، وواقعه ككلامه ، وظاهره كباطنه ، وخلوته كجلوته ، إذا عرف الإنسان أن هنا يوجد صدق ، لا يوجد كذب ، و لا مبالغة ، و لا تزوير للحقائق ، الكلمة الطيبة أكبر صدقة ، وأكبر قوة مؤثرة ، الإسلام قوي بلا أي سلاح ، قوي بالكلمة الطيبة. ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً﴾ابراهيم اية 24.

المؤمن الصادق يبقى مستقيماً ،اولها مع الوالدين ولو قسواْ وأغلظا في الكلام والتعامل؛ فإن لهما حقاً في احسان الخطاب معهم ، قال تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً ﴾ [الإسراء: اية 23.

ومن يريد العمل بها يحاسب نفسه حساباً عسيراً ، يجعل بيته إسلامياً، يطبق كل الشرع ، حتى يأخذ شيئاً اسمه المصداقية ، فلان عنده مصداقية ، أي كلامه كواقعه ، هذا الإنسان ممكن أن يؤثر بالناس ، ممكن أن يهدي الناس إلى الله ، قال:صلاه الله عليه واله (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجد فبكلمة طيبة). حتى مع الكافر، قال تعالى: ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: ايات 43].
والمؤمن الصادق ممكن أن يلتف حوله حتى الضعفاء ايماناً من المسلمين اذا قال قولا سديدا لينا وحكيما ممكن أن يتأثرالجميع بكلامه ويصبح من الذين يفوزون بدرجات عظيمة جعلنا الله منهم امين ، أما إذا كشف السامع تناقضاً بين القول والفعل فتسقط الدعوة. كما بين سبحانه وتعالى الثواب العظيم الذي يترتب على القول الطيب فقال ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* 70يُصْلِحْ لَكُم ْأَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا *71 الاحزاب ) صدق الله العلي العظيم)