23 ديسمبر، 2024 6:07 ص

الكلمة الحرة ، ثمنها الموت ..

الكلمة الحرة ، ثمنها الموت ..

إن حريّة التعبير هي حقٌ من حقوق الإنسان ، والذي يكفله له القانون والمبادئ الحقوقية ، ولا يجوز أن يحرم الإنسان من حريته في التعبير إلّا إذا تسبب بإساءة واضحة لشخص أو مجموعة أشخاص سواءً في الدلالة إليهم بشكل مباشر أو غير مباشر باستخدام إحدى وسائل التعبير وبدون مسوغ أو سبب يسمح بذلك ، وبدأت فكرة الحق في حرّية التعبير تظهر منذ القدم متخذه طرق مختلفة لبنائها ، فهي اعتراف صريح بوجود الإنسان كفرد وشخصية وعقل مهما كانت انتماءاته من حيث أصله أو لونه أو جنسه أو دينه بين بني البشر .من بين أهم مقومات حرية التعبير واشدها حضوراً ومصداقية هي الصحافة لما لها من تأثير سلبي أو إيجابي بحسب فكر من يندرج تحت هذا العنوان المقدس ، وللأسف اقول أنها أصبحت في العراق لا تعني أكثر من ( تهمة ) تقع تحت طائلتها الكثير من الأقلام الحرة والرصينة ، لذلك أصبح ثمن ممارسة مهنة الصحافة في العراق هو اما الخطف أو القتل أو الاعتقال ، او الموت بالسيارات المفخخة او العبوات الناسفة والتي راح ضحيتها الكثير من الزملاء وهم يقومون بنقل الوقائع والاحداث بكل حرفية ومصداقية ، وهذا ما أكده مرصد الحريات الصحافية على ان جميع عمليات قتل واختطاف واغتيال الصحفيين في العراق، تسجل ضد جهات ارهابية او مسلحين مجهولين لا يمكن الوصول اليهم او التعرف عليهم، بينما تتنصل القوات النظامية العراقية من فداحة هذه المسؤولية ، وحتى ان من قتل بنيران اسلحة هذه القوات عن طريق الخطاء او الاستهداف المباشر فإن السلطات العسكرية فشلت في توفير محاسبة شاملة وعلنية للعديد من عناصر قواتها التي ارتكبت حوادث قتل الصحفيين .
لم يعتد أغلب أبناء الشعب العراقي على حرية التعبير عن الرأي والاعلام الحر بعد 2003 ، لذلك شُنت الكثير من الهجمات المنظمة على الكثير من منازل الصحافيين وعلى مكاتبهم وعلى الكثير من القنوات التلفزيونية مما أدى الى اعتقال وقتل بعضهم ومصادرة أجهزة الحاسوب والكاميرات الخاصة بهم ، ولم تسلم حتى هواتفهم النقالة من التحطيم أو المصادرة ، والغريب بالأمر إن الحكومة لم تظهر إرادة كافية لتسوية قضايا القتل بحق هذه الشريحة المهمة والفعالة في المجتمع ، كما وأظهرت أحدث نسخة من مؤشر لجنة حماية الصحفيين العالمي للإفلات من العقاب وهي  هي منظمة دولية مستقلة غير ربحية تعمل على حماية حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم ، وتصدر مؤشرا كل عام يسلط الضوء على البلدان التي يُقتل فيها صحفيون ويظل الجناة أحرارا طلقاء. والتي نشرت في يوم الخميس 27 أكتوبر / تشرين الأول إن الصومال احتل وللسنة الثانية على التوالي المركز الأول كالبلد الأسوأ بالنسبة للصحفيين ، يليه العراق في المركز الثاني ثم سوريا ، ويعتبر قطاع واسع من الناس أن الإفلات من العقاب هو أحد أعظم الأخطار التي تهدد حرية الصحافة في العراق ، وقد تزايد الضغط الدولي من أجل مواجهة هذا الخطر في السنوات الماضية ، ويظهر التقرير إن عدد الصحفيين الذين قُتلوا في العراق مع إفلات الجناة التام من العقاب خلال العقد الماضي هو ( 71 ) صحفي من الذين يغطون موضوعات السياسة والحرب والفساد وحقوق الإنسان ، وتشير أصابع الاتهام الى المجاميع المسلحة المنتشرة في جميع أنحاء العراق و عصابات داعش وكذلك لبعض المسؤولين الحكوميون .
يجب الاعتناء بهذه الشريحة المهمة وأعطائها الحرية الكاملة ، حرية المعلومة وحرية الحركة بالتواجد في مكان الحوادث دون مضايقات أو اعتداءات ، وهذا ما كفله الدستور لهم ، وهي بالطبع من أهم الاعمدة التي تقوم عليها الدول الديمقراطية المتقدمة .