ما يشغل الإهتمام له عوامل إزدهار أو إنحطاط وسقوط، ولا يمكن دراسة المسائل لذاتها؛ إنما الغاية معرفة المقدمات، لتقرير النتائج.
هناك مثل عربي قديم يقول:(كل الطرق تؤدي الى مكة).
حوادث التاريخ لا تنفصل عن غاياتها، وما يحدث الآن في العراق وإنتشار الإرهاب لم يكن محل صدفة أو وليد لحظة، وداعش (الجيل الثالث من الإرهاب)، نتاج تراكم صراعات عالمية، وخلاصة منعطفات الإنحراف الخطيرة، بلورها فكر إجرامي وهوّة فكرية، أفرزتها طبيعة التعامل مع التطرف، وسوء إستخدام حقن الوقاية والعلاج المضادة.
أ غيرت أمريكا إستراتيجيتها بعد أحداث 11 أيلول، وبالتدريج نقلت قواعدها من السعودية الى قطر، وإعلن أمير قطر السابق الوهابية دين رسمي، بإقامة أكبر جامع في الشرق الأوسط، مع دعم الشيخة موزة للمجاميع المتطرفة في مصر وتونس وليبيا وسوريا، ونشوب صراع خفي بين السعودية وتركيا على أخوان مصر.
القوى العالمية راهنت، على نفوذها في العراق، بالدعم المباشر أو غيره للتنظيمات الإرهابية، معللة ذلك لإسقاط نظام الأسد في سوريا، إستكمالاً لخارطة ما يسمى (الربيع العربي)، سرعان ما بدت الأحداث الدراماتيكية تتصاعد وتيرتها في المنطقة، وبروز صراع القوى، ولم يعد الحلفاء أصدقاء في تقاسم النفود.
السعودية وقطر شركاء في دخول سوريا، إختلفوا في تقاسم النتائج، وناصرت الأولى القضاء على الأخوان وتأييد السيسي، وهنا إتسعت الهوة وجرّ العراق لإستكمال، خارطة سابقة لابد من إستعجال النتائج، وظهرت داعش تدنس مناطق واسعة، وتتوالى الخيانات وستكشف الأيام القادمة فضائح كبيرة.
المرجعية الدينية في النجف فاجأت كل الدوائر وخلطت أوراق الحسابات، وأيقظت العالم من سباته حينما أماط العراقيون كالأسود اللثام عن جراحهم، وبخطوات خجولة تداعت الدول الى مؤتمرات، تدارك ماء وجهها وتجنب خطر زاحف، والإيحاء أن القضاء على داعش يحتاج عشرات السنين.
العراقيون أثبتوا أنهم لها، ومن تهديد بغداد والمدن المقدسة، بدأ الزحف من جرف النصر وبيجي ثم تلاحم أبناء الأنبار مع الجنوب والشمال، لتسقط رهانات الحرب الطائفية وتقسيم العراق، وبدأت داعش بالعد التنازلي والإنهزام والإنكسار، وعلى الدوائر العالمية التفكير، في إنهاء هذا الجيل بعد تحطمه على أسوار بغداد؟!
الأخبار غير مؤكدة عن مقتل زعيم داعش المجرم البغدادي، والنتيجة ستبقى ضبابية برهة من الوقت، لكنها محسومة النهاية، وما هي سوى اللمسات الأخيرة، لكن السؤال أن يكون جسد البغدادي؟!
نراجع التاريخ جيداً ، نجد هتلر قيل أنه أنتحر، لكن الحقيقة أنه قتل وأخفي جسده؛ لأن غالبية الألمان في وقتها لا يعتقدون بزوال حكمه، بينما أعدم صدام علناً لأن الغالبية مسهم جور حكمه، وأسامة بن لادن قتل بعد إنتهاء مرحلته؛ وقدوم الجيل الثاني، وألقي في البحر ليكون طعم للحيتان، كي تتغذى على أغلى رأس في العالم، ثم العودة الى صدام لنبش قبره وإنهاء أثره.
التاريخ يعيد نفسه بوجوه متعدة لغاية واحدة.
يأتي دور للبغدادي، ليكون طعم للكلاب، وأعوانه تُحرق مثلما أحرقوا العراق بآلاف المفخخات كنتيجة حتمية، وستكون لداعش أعوان، تنشط في المراحل القادمة خلاياهم النائمة، في الخليج العربي والأردن وتركيا ومصر وتونس وليبيا، والدول التي كانت تدعمها بصورة مباشر أو غير مباشرة، وما يهمنا كعراقيين، أن داعش سينتهي قريباً، والمجرم البغدادي سيكون طعم للكلاب، والسؤال المهم كيف نتخلص من الثارات؟ وكيف لِمَنْ رآى جاره بأم عينه يبيعه للإرهاب؟ وعشائر وسياسيين، باعوا ضمائرهم لحفنة من أموال البغاء؟! وإرتضوا بتدنيس شرف عشائرهم وعوائلهم ونساء وطنهم؟!