إنّه ليسَ بِيَدٍ عربية , ولا قبضة , وهو ليس بمعنى ضربُ كفًّ , أي ” راشدي ” في اللهجة العراقية , كما أنه ليسَ بكفٍّ لقراءة الطالع في خطوطها , كما قراءة الفنجان .!
منذ اندلاع حرب عام 1956 التي جرت إثر تأميم الرئيس الراحل ” جمال عبد الناصر ” لقناة السويس وبدء ذلك العدوان الثلاثي الذي شنّته فرنسا وبريطانيا واسرائيل على مصر , ممّا سلّطَ الأضواء على بزوغِ نجم ” عبد الناصر ” , فمنذ ذلك التأريخ ومروراً بحرب عام 1967 التي احتلت فيها اسرائيل اراضٍ من ثلاثِ دولٍ عربية , والى غاية الأنتهاء من حرب تشرين اكتوبر في سنة 1973 , كان هنالك شيء او نوع من < التضامن العربي > , وهذه العبارة المنعشة سيكولوجيا وسوسيولوجيا للمجتمع العربي , فطالما كانت تتكرر وتتجدد في وسائل الإعلام العربية وعلى افواهِ واَلسُن الجماهير , وبالرغم من أنّ ذلك التضامن العربي قد كان بصيغة الحدّ الأنى او اكثر قليلاً , إلاّ أنه لم يكن مجرّد كلماتٍ انشائية , فقد كان مؤطّراً بآليّة معاهدة او اتفاقية الدفاع المشترك .
يمكن القول أنَّ ” انور السادات ” الرئيس المصري السابق , وإثرَ زيارته الى اسرائيل سنة 1977 ثمّ توقيعه لمعاهدة ” كامب ديفيد ” في عام 1978 , قد اطلق الشرارة الأولى للإتجاه المعاكس للتضامن العربي .. وقد تجسّدت آليّة هذا الإتجاه المعاكس او التّضاد العربي – العربي بمشاركة جيوشٍ عربية مع جيوش الإفرنج في حرب عام 1991 منطلقين من الأراضي المقدسة في بلاد الحجاز ” مكّة المكرّمة و المدينة المنوّرة ” التي سُمّيتْ بالسعودية , نسبةً الى ” عبد العزيز بن سعود ” ملكها الأول , ومن المفارقات أن يجري إطلاق التسمية الرسمية والدولية لبلدٍ , نسبةً الى عائلة او عشيرة جرى اكتشاف النفط في اراضيها .!
الفترة الممتدة بين حرب 1991 والى حرب 2003 التي انتهت بأحتلال العراق , يمكن تسميتها بفترة التآمر العربي – العربي وبشكلٍ فاضحٍ ” بالرغم من أنّ التآمر العربي موجود قبل ذلك بنطاقٍ اضيق ” , أمّا فترة السنوات الأخيرة التي شهدت فيها الساحة العربية ما سُمّيَ بِ ” الربيع العربي ” وبلغت من الغَي بأنْ تشارك مقاتلات قَطرية في قصف معسكرات الجيش الليبي جنباً الى جنبٍ ” وفي تشكيلٍ واحد ” مع المقاتلات الفرنسية والأيطالية , وثُمّ التمادي القطري وانظمةٌ عربيةٌ اخرى برفع درجة هذا التآمر العربي – العربي الى اعلى مستوياتها , وذلك من خلال دعم التنظيمات الدينية والمتطرفة المعارِضة لأنظمة الحكم في دولها , فأنها بلا ريب مرحلة : < العار العربي > .!
ما مطلوبٌ الآن ليس التضامن العربي , ولا وحدة الصف , بل أنْ يكفّ العرب شرّهم عن بعضهم , وأن يقوموا بعملية تطهيرٍ نفسية للذات العربيةٍ , لكنّما متى سيبدأ هذا الكفّ العربي عن الشّر .؟
كُلُّ حديثٍ عن الديمقراطية والإنفتاح في الوطن العربي , ليس سوى سفسطة دياليكتيكية عقيمة , وآخر خيطٍ متبقٍّ من الأمل هو الشروع بأنقلاباتٍ عسكريةٍ والإطاحة بالعديد من انظمة الحكم العربية وبشرط أن تخلو من ايّ ارتباطٍ بجهاتٍ خارجية , إذ لابدّ من مرحلةٍ انتقالية يعيد فيها العسكر , الوضع العربي الى نصابه , وبعدها فلكلّ حادثٍ حديث .!