21 مايو، 2024 12:07 ص
Search
Close this search box.

الكفاءات العراقية مصير نحو المجهول .. ! 

Facebook
Twitter
LinkedIn

يشهد العراق اليوم اعنف موجه في تاريخه لتصفية واستهداف الكفاءات العراقية ذات الطابع المدني العلماني   في عراق شوهت حضارته همجية الميليشات الطائفية التي احرقت الأخضر باليابس.  احلام العراقيين كانت سرابا حينما رسمت امالاً خضراء  بسقوط دكتاتورية البعث. فطالما كان حلم هؤلاء الأحرار ان يكون عراقهم  بلدا ديمقراطيا يحترم حرية الرأي والفكر والمعتقد ؛ ولكن صورة البعث الدكتاتوري ظهرت وطغت مجددا على كل مفاصل الدولة العراقية  بأبشع صورها بمسميات اخرى ووجوه اخرى ، وأحزاب اخرى .. ويوما بعد يوم يخسر هذا البلد الجريح كفاءات ابنائه الأحرار الذين نشأوا  من تراب هذه الارض ونهلوا علما وثقافة من حضارة وتاريخ بلدهم الذي كان حلم تحريره ديدنهم فها نحن اليوم نودع هذه الكفاءات العملاقة ونخسرهم يوما بعد الاخر فمنهم من تم اختطافه ومنهم من تم قتله ومنهم من أُعتقل ظلما ومنهم من تهجر خارج العراق  مسلسل الاقصاء والاستهداف اجندة مدروسة لم تأتِ من العدم انها محاولة جادة لتفريغ العراق من الطاقات العلمية والثقافية ذات الفكر التنويري الذي يؤمن بحرية الرأي ويقاتل لاجلها. 
ولو استذكرنا بعض تلك الكفاءات الثقافية  ومصيرها المجهول لزادت القلب حسرة وألما. 
فمنذ بدء الغزو الأميركي وحتى نوفمبر الماضي، سجل العراق أعلى نسبة استهداف للصحفيين والنشطاء المدنيين  في المنطقة، فمرصد الحريات في العراق يؤكد مقتل 293 صحفيا عراقيا ، بينما تقول نقابة الصحفيين إن عددهم يبلغ 435 صحفيا . وتتوزع دماؤهم على جهات عدة من مليشيات مسلحة إلى مجهولين فالجيش الأميركي وتنظيم داعش الإرهابي. 
ناهيك عن تعرض 29% من الصحفيين القتلى للاحتجاز قبل قتلهم، وتعرض 41% منهم للتهديد، في حين  نال 7% منهم قسطا من التعذيب، وفقا للجنة حماية الصحفيين.  صابرين كاظم شاعرة واعلامية شابة، عصامية قوية الإرادة في الدفاع عن حرية الرأي والتعبير، هاجرت الى الولايات المتحدة الامريكية بعد تهديدها قبل من ميليشيات متطرفة، تعتمد سياسات طائفية، فاتخذت طريق الهجرة حيث أحلامها وقلمها الحر أوسع من مساحة وطن يحاول ان يغتصب الكلمة الحرة والفكر الحر قسرا . 
الأكاديمية الناشطة ملكة الحداد المغتربة في بريطانيا التي اكتسحت نشاطات  المجتمع المدني، والتنمية الديمقراطية في مدينة النجف، المدينة المحافظة دينيا، المدينة المتشددة التي  تعتقل طقوسها وتقاليدها حرية الفكر النسوي، المعاصر نحو العلمانية ،والفكر الديمقراطي  فهل منا ينسى التفجير الغادر الذي استهدف منزل عائلتها بعد ان قدمت دورات وندوات حول المطالبة   بتعديل المادة ٤١ في الدستور العراقي الجديد ، بل وازدادت حملة العداء شراسة نحوها حينما وسعت نشاطها المدني مع منظمات دولية لاجل مناهضة التمييز ضد المرأة فقد سلطت الضوء على كيفية استغلال قضية المراة من قبل  الاحزاب الدينية والسياسية.  مما زاد الاستهداف ضراوة وشراسة من خلال اعتقال وتعذيب اخوها ومن ثم إقصائها قسرا من كلية الاداب الى كلية التربية ، فضلا عن محاولات تفجير سيارتها الخاصة حينما عقدت العشرات من المؤتمرات وورش العمل حول مناهضة الفساد في العراق.  
ان سياسة الاقصاء والاستهداف ضدها مازالت مستمرة لحد الان .من قبل اجندة الميالشات المتسلطة في العراق الجديد ، عراق الاحزاب الدينية والمليشيات المسلحة.ان سياسة الاقصاء والاستهداف مازالت مستمرة لحد الان ؛ لإجل تقويض فكرها وقلمها الحر الذي لم يزل صامدا في بلد الاغتراب.  فها هي الان تحت مطرقة وزارة التعليم العراقي الغير العادل الذي يسعى وبكل الطرق استحصال عشرات الملايين من عائلتها بذريعة عدم عودتها للعراق في وقت كانت فيه تحت الرعاية الصحية المشددة في بريطانيا. فقد تم إنهاء خدماتها واغتيال حقوقها كتدريسية خدمتْ كل من التعليم العالي والعملية التربوية خلال  سنوات طويلة انها محاولة بائسة للاقتصاص من قلمها الحر وفكرها الديمقراطي الذي لا يتناسب مع اجندة الاحزاب المتسلطة في العراق الجديد. هذا الفضاء النسوي لا يمكن له العيش بسلام في بلد يحترف القتل والاختطاف والتعذيب من جهة،  والتمييز والمحسوبية والمحاصصة والفساد من جهة اخرى. هذه الشاعرة المرهفة التي تحترق شوقا لبلدها العراق  كالجمر تحت الرماد ، كانت وما تزال لحد الان تحت تهديدات القتل والاستهداف، رغم معاناتها في بلد الاغتراب. رغم كل النشاطات الثقافية المبدعة التي قدمتها في بريطانيا وبجهد شخصي  لتعكس ثقافة بلدها وحقوق أبناء وطنها الذين اغتالت حقوقهم الحرب والصراعات الطائفية.  رقية عباس الصحفية والناشطة المدنية، كانت تقرا البيان الاول التنسيقات المدنية لإعلان التظاهر ضد الفساد والارهاب في أب 2015، هي ايضا هاجرت من العراق الى ألمانيا، بعد تهديدات تعرضت لها، تمثل صورة اخرى لإظطهاد الفكر المدني الحر في بلد ينتعش فيه سلطة المال والدين بأبشع صوره. 
غيث التميمي المفكر والكاتب والناشط المدني التنويري، الذي قضى عصارة شبابه في العراق لاجل بلد ديمقراطي يحترم التنوع الفكري والديني، وهذه حقوق الانسان، ها هو الان يعيش مجبرا في بريطانيا بعيدا عن محبيه من الوسط الثقافي.      ولا يختلف السيناريو مع الاعلامية نور القيسي، مقدمة برامج في قناة العراقية، هاجرت من العراق الى السويد، هربا من وطن يغتال الأصوات الحرة المستقلة.بينما اختفى جلال الشحماني منذ اكثر من عام، حيث خطف في مظاهرات احتجاجية في بغداد. كما تم اختطاف الناشط المدني علي الذبحاوي، في مدينة النجف، وقبلها اعتقال الناشط المدني علي حسين عبود بذريعة الاشتباه باسمه . واختطاف الناشط المدني واعي الجبوري الذي قدم الكثير من النشاطات المدنية والإبداعات الثقافية لعديد من المنظمات المحلية وساهم بشكل جدي في تحفيز قدرات شباب ونشطاء المجتمع المدني ها هو الان مغيب ولا يُعرف لحد الان اين مصيره؟!  ومن هي الجهات وراء اختطافه رغم كل محاولات البحث والاستقصاء عن مصيره المجهول.   هؤلاء النشطاء الأحرار وعشرات من النشطاء المدنيين، والحقوقيين، المطالبين بإصلاحات حكومية ضد الفساد المستشري، وحصر السلاح بيد الدولة، والحد من نفوذ الميليشيات ذات التوجه الطائفي ، والجماعات المسلحة، والتنظيمات الإرهابية !!!هذه الكفاءات وغيرها من العشرات صورة لمسلسل الاقصاء والتنكيل بحق الأقلام والاصوات الحرة المستقلة في العراف.
هذا الاقصاء واستهداف العقول العراقية  ذات الفكر الديمقراطي المدني الى متى ؟! والى اين ؟!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب