عوّل منتفضو ساحات التحرير على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وحكومته على انصافهم والكشف عن قتلة رفاقهم الشهداء العزل من منتفضي انتفاضة تشرين اول / اكتوبر 2019 – 2020 وتقديمهم للعدالة, بعد سماعهم لوعوده الوردية, ولأن ” تأجيل احقاق الحق ظلم “, وبعد مرور اكثر من ستة اشهر على تسنمه الوزارة والقتلة يسرحون ويمرحون ويواصلون جرائمهم بأستهتار فاشي, ولازال الحبل على الغارب… الامتعاض يتعاظم.
وقد عوّل البعض من الناشطين على منظمة الأمم المتحدة للنظر في الجرائم المرتكبة بحق المطالبين بحقوقهم الأنسانية الأساسية, فإجتمعت جينين بلاسخارت ممثلتها في العراق بأحد قتلتهم, لكن للتوسل بالكف عن قصف السفارات والبعثات الدبلوماسية الأجنبية فحسب.
لم يعوّل أحداً من المنتفضين على الرئيس الأمريكي ترامب, لأن التجربة علمتهم بأن التصريحات والوعود الأنتخابية, كما ” علج السهم “, يُعلك ويُلفظ, ليست محضر ثقة ولا تؤخذ بجدية, وتجربتنا ( الديمقراطية العراقية ) التي تكرموا بها علينا مع اهدائهم رموزها الفاسدة لنا ” كراتيس – دون مقابل ” دليل فاضح على ذلك.
لذا فأن ليس لنا الا ان نعوّل على الذات, على شباب الانتفاضة وعزمهم واسناد شعبنا وقواه الوطنية والديمقراطية المنحازة لهم فقط. فهم عماد قوة التغيير المنشود… وهم أهل لها !
ان الكشف عن قتلة شباب الأنتفاضة ليس فقط اجراءاً قانونياً جزائياً مستحقاً يجب على كل دولة تحترم نفسها ان تنجزه, فقتل اكثر من 700 مواطن وجرح اكثر من 20 الف متظاهر واختطاف واغتيال وتغييب مئات اخرى منهم, قضية اكبر من مجرد عملية قتل جنائية عادية بل هو فعل ارهابي سياسي ممنهج, ارتكب بدم بارد, طال الآلاف من المواطنين العزل, بأيدي غادرة وسلاح حكومي, هدفه إسكات اصوات المطالبين بحقوقهم الأساسية الشرعية سلمياً.
ان وضع هذا المطلب موضع التطبيق, سيفتح المجال واسعاً امام اجراء انتخابات حرة وديمقراطية حقاً بعد استبعاد المجرمين قتلة ابناء العراقيين وسارقي أحلامهم…غير ذلك كله هراء !
يحاول البعض تسويف الأمور بحجة ترتيب الأولويات, وذلك حسب مزاجه بتقديم إجراء الأنتخابات وتأجيل الكشف عن قتلة المنتفضين لحين الإتيان بحكومة كاملة الصلاحيات, تكون اولى مهامها الكشف عن إرهابيي الميليشيات وملاحقتهم قضائياً.
لكن الوقائع على الأرض لا تُنبأ بخير “, فحساب الحقل لا يطابق حساب البيدر “, ولا يمكن لمن له مسكة من عقل تصديق هذا الوعد الجديد.
لاسيما ونحن نشهد إستماتة قوى الفساد والمحاصصة لأدامة وجودها في السلطة للتهرب من استحقاقات الحساب الشعبي, وتكرار تجربة التحاصص النهبوية حسب ما تفرضه تسعيرة بورصة سوق مريدي لكل نائب منهم وخارطة توزيعهم الوظيفي… ولا توجد لديهم اية نية لافساح المجال للشباب الوطني لأخذ دوره في ادارة الدولة.
حيث تتوسع, يوما بعد يوم, دائرة القائلين باستحالة أجراء الأنتخابات المبكرة, وانا منهم, بالموعد الذي اقترحه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في 6 حزيران 2021, لعدم توفر الأسس والأجواء والبيئة المناسبة لأجرائها.
فليس من المعقول ان نتوقع من نواب احزاب السلطة المتحاصصة حل مجلس النواب قبل الأوان, وهو أحد الشروط لأجراء أية انتخابات جديدة, والتضحية بامتيازاتهم ومكاسبهم السياسية والمالية وغيرها, قبل الموعد المحدد, واحتمالات اجلاس اغلبهم على بساط الحساب الشعبي والقانوني بعد رفع الحصانة البرلمانية عنهم, لذا فأنهم سيفعلون أرذل الأفاعيل لتعطيل العملية لحين نهاية عمر مجلس النواب الحالي عام 2022.
كما ان مصادرة احزاب المحاصصة المهيمنة على مجلس النواب لأحدى واجبات المفوضية ( المستقلة ) العليا للأنتخابات في رسم خارطة الدوائر الانتخابية وأعدادها, لتفصيلها على مقاساتهم هو دليل اصرار منها لمنع مضي الأمور نحو التغيير المنشود وبالتالي تأجيل كل مطالب الشعب المنتفض واولها مطلب محاسبة قتلة المنتفضين.
ولا يمكن ان ننسى مساعيهم لأبقاء قانون الأحزاب مجمداً, وفي خبر كان, لتمسكهم بحيازة السلاح ولأجل عدم الأفصاح عن مصادر تمويلهم المالي…. اضافة الى الكثير من الأمور الفنية التي طرأت ليس آخرها معضلة سد النقص الحاصل في نِصاب قضاة المحكمة العليا التي تقر شرعية الأنتخابات من عدمها بعد وفاة أحدهم وتقاعد الآخر, وهي عملية تخضع عادة الى صراع محاصصي محتدم لملأ هذه المقاعد الشاغرة, سيستغرق وقتاً طويلاً لحساسية البت فيه, وخشية من ظهور وضع غير مأمون فيها يضع القتلة وسراق المال العام وعبيد الأجنبي تحت طائلة القضاء العادل.
مخلص الكلام :- لايمكن اجراء انتخابات عادلة ودماء الشهداء والجرحى لازالت تفور في الساحات وتنادي : أين حقي ؟ وقلوب امهاتهم تملأها اللوعة ويعصرها الألم. وأوجاع وآهات جرحى الأنتفاضة والمخطوفين والمغيبين تملأ سماء الوطن.