6 مارس، 2024 3:17 ص
Search
Close this search box.

الكرسي وذهان النفط!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

الذهان يعني الجنون أو فقدان قدرات التواصل مع الواقع القائم من حول الشخص وإنقطاعه عنه , والعيش في عوالم أوهامه وهلاوسه وهذياناته المتنوعة.
وعندما يقترن الكرسي بالنفط يصيب صاحبه بذهان شديد , ينتهي به إلى مآلات عجيبة وتداعيات غريبة , فالنفط لا يرحم الذي يستحوذ عليه , ويُشعره بأنه مُغتَصَب , لأنه من حق وطن ومواطنين , ولا يجوز للكرسي أن يستعبده ويمتهنه.

وعلة المجتمعات النفطية أنها لم تستطع إبتكار آليات للتحكم بعائدات النفط , وجعلتها ملكا مشاعا للكراسي المتسلطة على الناس , فكل كرسي يحسب نفسه صاحب الحق المطلق بالنفط , مما أربك الحياة السياسية , وأعجز الحكومات عن القيام بواجباتها تجاه المواطنين , ذلك أن أصحاب الكراسي أصابهم ذهان النفط وأفقدهم بصيرتهم وتبصرهم.

والسبب أن النفط يدر أموالا هائلة لا يستوعبها عقل الشخص فيعيش مأخوذا بها ومأفونا بتوافدها المتواتر الذي لا يستطيع تصريفه , فيجنح إلى نفسه الدونية التي تنفلت مساوؤها وتندلع رغائبها , فيدخل في دوامة إتراع جيوبه بالمال , ودفنها في أرصدة البنوك العالمية , فيحرم نفسه وشعبه منها , لأنها حالما ترقد في البنوك الأجنبية يتحقق إستثمارها في بلدانها , ويصعب على مودعها التصر ف بها بحرية كما يتوهم.

ومن الأمثلة على إضطراب السلوك أو ذهان النفط , ما حصل في الأمم المتحدة عندما حاولت أن تنفذ قرار ” النفط مقابل الغذاء” , وكيف أن هذه المنظمة العالمية اصيبت بالذهول لكثرة الأموال التي تواردت إليها , فإنطلقت النفوس الشرهة وعم الفساد , ونُهب منها ما نُهب.

وعليه فالمجتمعات النفطية لا يمكنها أن تبني نظاما سياسيا صالحا وتأتي بحكومات تخدم الشعب , إلا بإبتكار الوسائل القانونية الصارمة التي تحافظ على واردات النفط , وتؤمّن تصريفها بما يخدم الوطن والمواطنين , ومن دون ذلك , فالفساد قرين النفط , والديمقراطية لا تتحقق في بلد واردات نفطه مشاعة للكراسي والقوى المتسلطة على رقاب المواطنين.

تلك حقيقة دامغة ونمطية سلوكية متكررة , فالبشر لا يستطيع إستيعاب ما يدره النفط من أموال هائلة , وسيصاب بذهان ما مهما إدّعى غير ذلك , فتأملوا ماذا فعل أصحاب الكراسي بأموال النفط , وكيف أنهم سخروها لمنافعهم الشخصية البحتة , وذلك بشراء ما لا يخطر على بالهم من الممتلكات في أرجاء الدنيا , وكأن أموال النفط أموالهم الخاصة , ولابد لهم أن يتوهموا بذلك لغياب القانون الوطني الذي يحمي واردات النفط من الفساد والضياع.

فهل سندرك أصل الويلات ونتعافى من طاعون واردات النفط؟!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب