بعد غياب قسري دام سنوات عاد قبل ايام صديقي العزيز ” ابو نظيف ” من غربته خارج الوطن وكان أول ما فعله في مستهل عودته مجيئه طارقاً بابي متفقداً أحوالي ، فخرجت للقائه ، ولم أصافحه أو أقبّله بل مَدَدتّ يدي الى جَيبي لأخرَج منديلي مُكمّماً به أنفي بِحَرَكة تمثيلية فَهِمَ صاحبي معناها ومغزاها .. فأخرج هو من جيبه ورقة وقال لي وهو يضحك : (هذه شهادة صحية تُثبِت عدم اصابتي بجنون البقر وانفلونزا الطيور والخنازير ، وأضافَ : لكنّي أخشى أن تكون يا عزيزي قد أُصِبتَ أنت ببواسير الصرصر !!) فسألته مندهشاَ : وهل هناك مرض بهذا الأسم ؟!! قال نعم ، انه يُصيب المهووسين الذين يَتشبّثون بطول الجلوس على الكراسي ، فعُدتّ لأسأله : أعرفُ انّ طول الجلوس على الكرسي يسبب مرض البواسير ولكن ما علاقة الصرصر به ؟! أرى انّ هذا المسكين قد أقحِمَ أسمه اقحاما في ذلك .. فأجابني مُبَدّدا حيرتي بالقول : إن الصرصر هذا يُحاول جاهداً تَسلّقَ سطح المغسلة الأملس فيرتفع قليلاً ثم ينزل متزحلقاً ثم يعاود الصعود ثم ينزلق ثم يصعد وهكذا دواليك متشبثا مُمَنِّياً النفس بالوصول الى قِمّةِ المغسلة حتى اذا ما أتاه تيارٌ مائي ليأخُذه الى بالوعة أبدية ، ومن هنا جاءت تسمية هذا المرض ، فقلت له ، بعد ان مَدَدتّ يدي لمصافحته : أحمِدُ الله أنّي لا أملِكُ كُرسِيّاً حتّى في بيتي فغرفة استقبالي مفروشة ب (البُسُط) كما ترى ، فمدّ يَدهُ اليّ مُصافِحاً وهو يقول : وأحمدهُ كذلك على تَجنيبكَ بواسير الصرصر مثلما جَنّبَني انفلونزا الخنازير ، ثمّ تَعانَقنا مُرَدّدين قوله تعالى 🙁 وَقِفوهُم إنّهم مَسؤولون).