22 ديسمبر، 2024 5:23 م

الكرد والدولة والإسلام

الكرد والدولة والإسلام

إن الذي / الذين يحمِّل الإسلام ما عليه اليوم الكرد من فقدان لدولة وكيان سياسي وطني خاص به مثل سائر الشعوب يتجاهل مباشرة العوامل التي تؤدي الى نشوء الدول والكيانات والحضارات في العالم قديماً وحديثاً ، من ناحية أخرى الإسلام ليس له علاقة على الإطلاق من عدم تمكن الكرد من تأسيس دولة وطنية لهم ، فالإسلام يقف على مسافة مساوية وموازية عادلة لجميع الشعوب والقوميات في العالم .

ولو كان زعم الذين يتوهمون بأن الإسلام ، هو السبب فيما عليه الكرد اليوم ، أو بالأمس بعدم إمتلاكه دولة وطنية له نتساءل : هناك الكثير من الشعوب المسلمة لها كياناتها ودولها المستقلة ، بل إمبراطوريات كبرى كالعرب والفرس والترك وغيرهم ، فلماذا تمكنت تلكم الشعوب من تأسيس دول وطنية لهم ولم يتمكن الشعب الكردي وأخفق ..؟

مضافاً هناك العديد من الشعوب غير المسلمة في العالم هي تفتقد لكياناتها ودولها الوطنية الخاصة بها إذن ، الدين ليس له علاقة ، كما ليس هوالسبب في عدم تمكن شعب من إقامة دولة وطنية له . لهذا فإن الأديان ليس وظيفتها ولا فلسفتها ما آدعاه الذين من إدعاءات في تحميل الإسلام أوزار تعثر الكرد تاريخيا في فشلهم وإخفاقهم ، في إقامة دولة وطنية خاصة بهم . عليه لا يمكن تحميل الدين المسيحي – مثلاً – المسؤولية في إخفاق وفشل الشعب الإيرلندي ، في تأسيس وإقامة دولته الوطنية الإيرلندية الخاصة به على بقاع وطنه . في هذا الشأن لم أشاهد وأقرأ لكاتب ومثقف وعالم إيرلندي حمَّل الدين المسيحي فقدان الشعب الإيرلندي لكيان خاص به ودولة مستقله له ، في حين إن غالبية الشعوب في الغرب لهم دولهم وكياناتهم السياسية الخاصة بهم ، لأنهم يعلمون إن تشكيل الدولة ، أوعدم تشكيلها لا علاقة للدين أوالأديان بذلك ، بل بعوامل أخرى .

إن الإسلام هو دين يدعو الى العدل والقسط والإنصاف بين الناس كلهم من شعوب وقوميات ، وهو يستنكر ويمقت ويحرم الظلم والإحتلال والعدوان عليهم في قوميتهم ولغتهم وأراضيهم وأوطانهم وحقوقهم كلها . يقول القرآن الكريم : { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا * إن أكرمكم عندالله أتقاكم } الحجرات / 13

إن موضوع تأسيس الدولة الوطنية ، هو موضوع يتعلق بالشعوب والقوميات لا الأديان والفلسفات في العالم ، فالذين يحمِّلون الأديان والفلسفات في فشل شعب في تحقيق دولة وطنية له ، هو بالحقيقة فشلهم الآخر ، وإخفاقهم الآخر في تحليل ومعرفة العوامل التاريخية والإقتصادية والتعليمية والتوعوية والإجتماعية الذاتية الداخلية المؤدية الى نشوء الدول والكيانات السياسية ، أوالحضارات وقيامها بين الشعوب في العالم .