سأل مدير ثلاثة موظفين لديه: هل 2+2=5؟
فأجب الأول: نعم يا سيدي =5.
أما الثاني فأجاب: نعم يا سيدي = 5 إذا أضفنا لها 1.
والثالث قال: لا يا سيدي خطأ فهو = 4
في اليوم الثاني لم يجد الموظفون زميلهم الثالث في العمل، وبعد السؤال عنه علموا أنه تم الاستغناء عنه.
فتعجب نائب المدير وقال: ياسيدي لماذا تم الاستغناء عن “فلان” وهو موظف كفء.
فسرد المدير لمعاونه مادار بينهم من سؤال وجواب، وأوضح قائلاً:
أما الأول فهو كذاب ويعلم أنه كذاب وهذا النوع مطلوب. أما الثاني فهو ذكي ويعلم أنه ذكي وهذا النوع مطلوب أيضا. وأما الثالث فهو صادق ويعلم أنه صادق، وقد حاول الوقوف أمام الشيء الخطأ، وهذا النوع متعب ويصعب التعامل معه، والاستغناء عنه أفضل بكثير.
وبادر المدير فسأل نائبه: وأنت قل لي هل 2+2=5
فأجاب: سمعت قولك يا سيدي وعجزت عن تفسيره فمثلي لا يستطيعون تفسير قول عالم مثلك.
فرد المدير قائلاً: وأما أنت فمتملق وهذا النوع مطلوب ومفضل، والتمسك به ضروري لاستمراري بمنصبي كمدير.
….
يحكى أن ثلاثة أشخاص حكم عليهم بالإعدام، وكانت طريقة الإعدام بالمقصلة، وهم (عالم دين، محامي، مهندس). وعند لحظة الإعدام، أتوا بعالم الدين ووضعوا رأسه تحت المقصلة وسألوه: هل لديك كلمة أخيرة تود قولها؟
قال عالم الدين: الله.. الله.. الله.. هو من سينقذني.
وعند ذلك صدر أمر التنفيذ فأنزلوا المقصلة، وقبل وصولها رأس عالم الدين بسنتمترات توقفت، فتعجب الناس، وقالوا: أطلقوا سراح عالم الدين فقد قال الله كلمته. ونجا بذلك عالم الدين، وكتبت له حياة جديدة.
وجاء دور المحامي، فأتوا به ووضعوا رأسه تحت المقصلة وسألوه: هل لديك كلمة أخيرة تود قولها؟
قال المحامي: أنا لا أعرف الله كعالم الدين، ولكني أعرف أكثر عن العدالة، العدالة.. العدالة.. العدالة هي من سينقذني.
وأنزلوا المقصلة على رأس المحامي، وقبل وصولها بسنتمترات الى رأسه توقفت، فتعجب الناس، وقالوا: أطلقوا سراح
المحامي، فقد قالت العدالة كلمتها، ونجا المحامي كصاحبنا عالم الدين من موت محقق، وكتبت له كذلك حياة جديدة.
وأخيرا جاء دور المهندس، فسألوه بعد أن وضعوا رأسه تحت المقصلة: هل لديك كلمة أخيرة تود قولها؟
فقال: أنا لا أعرف الله كعالم الدين، كما أني لا أعرف العدالة كالمحامي، ولكني أعرف أن هناك عقدة في موضع ما من حبل المقصلة، هي التي تحول دون إتمام شوط نزولها.
فتفحصوا المقصلة جيدا، وكما قال المهندس، فقد وجدوا بالفعل عقدة تمنع المقصلة من النزول، ففكوا العقدة وأنزلوا المقصلة على رأس المهندس، فأتمت شوطها، وقطع رأسه.
…
يقول مثلنا العراقي: (اليحچي الصدگ طاگيته منگوبة) ولهذا المثل قصة، لعلها معروفة لدى الجميع، ولعلي إن سردتها هاهنا، يعيبني كثيرون ويزرفون طاقيتي، مع أنهم يوافقونني سرا على أن الصدق لايأتي دوما بالنتائج المرغوبة، وتبجحا قد يصفعوني بقول شاعر:
الصدق أفضل شيء أنت فاعله
لا شيء كالصدق لا فخر ولا حسب
وقد روى لنا التأريخ أن الأصمعي سأل رجلا كذابا: هل صدقت يوما؟
فقال الكذاب: نعم
فقال الاصمعي: عجبا
فرد الكذاب: خفت أن أقول لا فأصدق!
الصدق إذن -لو استدللنا بالمدلولات أعلاه- غير محمود العواقب في بعض الأحيان، فيما نستدل -بها ايضا- أن الكذب في أحايين كثيرة، يكون خير مساعد ومعين على النجاة، ولو احتسبنا الصدق ضربا من ضروب الإحسان، والكذب صنفا من أصناف الشرور، فإن قول الشاعر الفند الزماني يصح تماما في وصف من يستبدلون الصدق بالكذب، لغاية في نفوسهم، حيث يقول الزماني: “في الشر نجاة حين لاينجيك إحسان”.
واستنادا على هذه المعطيات، ومن هذا المنطلق، وتبعا لهذا المنطق، ووفقا لهذي المسوغات، وبناءً على هذا الأساس، فإن دعاة اليوم من سياسيي العراق في مرحلة ماقبل التوجه الى صناديق الافتراء، سيجانبون الصدق ما استطاعوا، ويحالفون الكذب بما أوتوا من قوة وبأس شديد، ليخرجوا بمحصلة لا تختلف عن محصلات صناديق افترائهم السابقة، ذلك أنهم إن صدقوا -لاسمح الله- ستُثقب طاقياتهم وقلنسواتهم وعمائمهم، سواء أسوداء كانت أم بيضاء! فإن الصدق ليس لصالحهم، ولن يصب في بواتق مآربهم، وهذا قطعا مغاير لأهدافهم ونياتهم وغاياتهم، وسيخسرون الكثير إن صدقوا ماعاهدوا عليه، وسيجدون أنفسهم -في الصدق- عراة حفاة جناة، ومن في ظرف كهذا، سيتمسك حتما بالكذب كعروة وثقى، فهو طوق نجاته، وخلافا لهذا يكون هلاكه.