مستغفلون انتم العراقيون
أنا أولكم حين صدقت قرار الحكومة الرشيدة في العراق حول تخصيص قطعة ارض و مبلغ اربعة ملايين دينار عراقي لكل من هجر قسرا ابان حكم صدام . صدقت الاكذوبة و استدنت ثمن تذكرة الذهاب و الاياب الى العراق مصطحبا كل الوثائق و المستمسكات التي تثبت اني لاجئ سياسي في استراليا ، كنت فرحا متفائلا بان العودة الى بلدي الام و الموت هناك صار سهلا و ليس عسيرا كما كنت اعتقد ، كلفتني الرحلة اكثر من خمسة الآف دولارا استدنتها من البنك .
وصلت الى وزارة الهجرة في كربلاء ، قدمت اوراقي ، دفعت رشاوي لكل من كان يجلس على مكتب من تلك مكاتب تلك الدائرة ، جلبت كل الاوراق و المستمسكات المطلوبة ، إنتظار طويل لمبررات شتى ( زيارة نائبة تتوسط انجاز معاملة لصديق لها ) طبعا بين تقاليد ضيافة نائبة برلمانية و التحدث عما جاءت من اجله و انجاز المعاملة و الاجراءات الفورية استغرق اربعة ساعات و نحن جميعا ننتظر خروجها ليتسنى لنا الفوز بتوقيع المدير على الطلب الابتدائي ، ولت النائبة ايمان الموسوي ، فرحنا و لكن السيد محمد مدير هجرة كربلاء كان عاى موعد خاص ، ترك الدائرة و الى اليوم التالي .
حضرت مبكرا حالما ببيت في العراق يؤويني و قبر يثويني ، انتظرت السيد محمد المدير حتى جاء نافخا ريشه ، المدير يحتسي الفطور ، نحن ننتظر ، المدير يشرب شاي الصباح ، نحن ننتظر ، فتح باب غرفة المدير من خلال اثنين من البوابين ، سمح لنا الواحد تلو الاخر ، وقع المدير ، نزلت الى الطابق الاسفل لاستكمال الاجراءات ، انتظار ، ، الموظف يفطر ، يشرب شاي الصباح ، فتح الموظف الباب ، وضعت اوراقي على تسلسل فايلات مكتبه ، ساعة و نصف ، ناداني الموظف ، هرولت ، قال لي ( روح للعلوية ) ذهبت للعلوية ، قالت ( دير بالك عليه ) درت بالي عليها ب 200 دولار ، قالت اطمئن كل شئ سيكون على ما يرام تعال باجر . جئت في اليوم الثاني ، قالت العلوية ، قطعتك ستكون في النجف كونها مسقط رأسك قلت طيب لو ان مسقط رأسي كان في الهند مثلا هل علي ان اسكن في الهند ؟ ، ضحكت العلوية و قالت : الم يك صدام يهجر ابناء المحافظات من بغداد ؟ قلت نعم و لكني اعتقد ان الامر تغير مع الحكم الجديد على اساس ان كلنا عراقيون بغض النظر عن مسقط الرأس لأن الانسان يعيش حيث يعمل و ليس حيث ولد . اعطوني ملفي الكامل لاصوره ، صورته على دفلوب يعمل على باب الدائرة بالمولدة .
ارسلوني الى وزارة الهجرة في النجف ، الدوام انتهى ، تعال باجر ، جئت في اليوم التالي ، اسئلة خاصة و عامة كثيرة ، اعطوني رقم مراجعة .
في باب الدائرة التقيت موظف شريف ، نظيف و متذمر ، قال لي : لا تتعب نفسك ، القرار صدر لتعويض الايرانيين المسفرين ابان الحرب العراقية الايرانية ، كلهم جاؤوا و استلموا القطع و المبلغ و باعوها و عادوا الى بلادهم ، لم اصدق ذلك ، ذهبت الى بابل لاستلم ال 10 ملايين قرار مجلس النواب ، قالوا لي : القرار توقف .
ايقنت حينها ان ذلك الرجل النظيف افادني بالحقيقة ، سالت نفسي : الم تعوض الحكومة العراقي الدول المتظررة من حكم صدام ؟ مليارات لأيران ، مليارات للكويت ، و غير تلك التعويضات ، لماذا تبخل الحكومة علينا التعويض ؟ نحن قارعنا النظام السابق ابان جبروته ، كتبنا العديد من المقالات ، انا شخصيا : كنت مراسلا لجريدة معارضة تصدر في لندن حين كنت في الاردن ، كتبت العديد من المقالات و التحقيقات في جريدة الزمان و الوفاق و بغداد و حتى في صحف اردنية مثل الراي و شيحان ، تعرضت للاغتيال مرتين و كنت هالكا لولا ان المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تعجل بتسفيري الى استراليا .
قطعة ارض ايها الزنادقة ، بعت بيتي في كربلاء منطقة سيف سعد بسبعة ملايين دينار ليعينني على الهرب و الآن بيتي يساوي سبعمائة مليون ، الم تعوضوا العجم المسفرين ؟ لماذا لا تعوضون العراقيين المسفرين ؟
قطعة ارض ايها الاعراب الاعاجم ؟
طيب اذا كانت قطعة الارض ستخل بميزانية العراق اذن قطعة قبر في بلد اهلي و اجدادي .