23 ديسمبر، 2024 1:17 ص

الكذب ، الطريق الاسهل للسياسي العراقي ..

الكذب ، الطريق الاسهل للسياسي العراقي ..

يقول ( جيم تايلور ) ، المحاضر في جامعة سان فرانسيسكو :
إنه وبرغم ندرة الأبحاث التي تُجرى على السياسيين فإنه ليس من الصعب أن نستنتج أن أغلبهم من النرجسيين المتغطرسين الذين يحملون اعتدادًا مفرطًا بالذات وشعورًا مبالغًا فيه بالاستحقاق ، لذا فإنهم من ناحية يعتقدون أنهم دائمًا على حق حتى وإن كذبوا ، ومن ناحية أخرى فإنهم يرون أنفسهم دومًا أكثر ذكاء ويرون حكاياتهم أكثر حبكة ومدعاة للتصديق من قبل الجماهير الأقل ذكاء .
إن جميع السياسيين يعلمون بوضوح أن رأسمالهم في البقاء هو الخوف ، فكلما كانت الجماهير تشعر دائمًا بأن هناك ما يهددها كلما كانت مستعدة أكثر لتصديق أي شيء ، ويلجأ السياسيون إلى الكذب وترويج إنجازات وهمية أو مبالغ فيها للتغطية دومًا على إخفاقاتهم وفشلهم .
إن الحقيقة دائمًا متعبة ومكلفة ، والناس لا تريد أن تستمع للحقائق التي تهدد وجودهم ، وتريد أن تصدق أن هناك خطرًا خارجيًّا، وأن حكومتهم تتولى حمايتهم منه ، أسهل بكثير من أن تصدق أن حكومتهم نفسها خطر عليهم ، لأنه في حينها لن يكون هناك بد من أن تفعل شيئًا ، ومن السهل أن تصدق سياسيًّا يعدك بالجنة على الأرض بدلاً من أن تصدق آخر يطالبك بالعمل والشقاء والتحمل والصبر .
مع تدهور الأوضاع في العراق وتدهور إدارة هذا البلد في الملفات كافة ، ومع انعدام الأمن وضعف هيبة الدولة إلى أدنى درجاتها ومستوياتها  بدأ المواطن العراقي برصد حالات الكذب في تصريحات المسؤولين  بأنواعهم ودرجاتهم ومرجعياتهم كافة ، وبدأت العاصمة بغداد ، وكل محافظات العراق تلمس حالات شديدة الصعوبة من فقدان للخدمات وأساسيات الحياة العادية وليس الكريمة ، حتى تراكم هذا الإحساس حد خروج العراقيين في محافظات عديدة ، وبتوقيتات مختلفة ، ليعبروا عن رفضهم واحتجاجهم على سياسات الحكومة وعدم تنفيذ وعودها ووعود الذين انتخبوهم ليكونوا نواباً عنهم في مجلس النواب ، وليواجهوا في كل مرة أجهزة الأمن العراقي التي تعاملت مع هذه التظاهرات بشكل عام بعنف ، وزجت شباباً متحمسين وطنياً في سجونها، من دون تهم فعلية أو محاكمات جزائية . تطورت حالة تسويق الكذب لدى سياسيي العراق الجديد إلى حد لم يصل إليه نموذج يمكن قياس الأمر عليه سابقاً في أي مكان العالم ، وهؤلاء الساسة وعلى الرغم من أن العراق من الناحية الفعلية بات في نصف حجمه بالنسبة لسلطة الدولة المركزية عليه فإن ساسته  بدءا من رئيس الوزراء حيدر العبادي ، وانتهاءً بأدنى النواب تحصيلاً للأصوات الانتخابية، مرورا برئيس مجلس النواب سليم الجبوري ، ما زالوا يستسيغون الكذب أسلوباً لمصارحة الشعب ، وكذلك منفذاً لاستجداء المواقف الدولية ، وعلى الرغم من مطالبات شعبية وإعلامية للحكومة بضرورة مصارحة الشعب عن المسؤول الفعلي عن الهزائم الكبيرة للجيش في المناطق التي أحتلها التنظيم الإرهابي ( داعش ) ، إلا أن عمليات التسويف وتسويق الحكايات المبنية على الكذب بقيت وستبقى تدور في دائرة مفرغة ، استهلاكا للوقت ، وإمعاناً في إبقاء المسؤولين عنها في دائرة القرار والحكم ، وخارج حدود المساءلة والعقاب . 
أن الشعب فقد الثقة تماما في كل السياسيين، وفقد الثقة في الحكومة التي تعتلي سدة حكمه ، كما أن مجلس النواب العراقي وبنظرة شاملة للصورة الكاملة ، يلاحظ الجميع أن العراق سياسياً هو رئاسات ثلاث هشة ومفككة ، وشعب كامل مضطهد ومعذب ومحروم ويقاوم محاولات جرّه إلى الفتنة الطائفية ، ومجلس نواب لا يمثل أحداً بقدر ما يمثل تيارات وأحزاب ومليشيات استفادت ونمت في ظل هذه الأوضاع الشاذة والمأساوية .
يجب على الشعب مجابهة أساليب الكذب الرخيصة التي يتبعها الساسة في مواجهة الاخطار المحدقة بالبلد ، والعجيب في الامر أن الكثير من أبناء الشعب العراقي يعرف تمام المعرفة تلك الأساليب الشاذه للسياسيين ، لكنه ومع الأسف الشديد لازال يتوسم فيهم خيرا وفي أدارة حكمهم للبلد ، متناسين أن تصرفات السياسيين الصبيانية والفئوية والطائفية هي سبب رئيسي لوصول الدولة التي ينخرها الفساد إلى حافة الانهيار الشامل عاجلاً أم آجلا .