26 مايو، 2024 6:14 م
Search
Close this search box.

الكتل السياسية ومسالة الوقوف امام التاريخ ( الحلقة الثانية )

Facebook
Twitter
LinkedIn

التاريخ كما يقول سارتر لا يسير وعلى وجهه قناع . وهو براينا فلم تسجيلي يسجل كل شئ على مدى الازمان والاوطان ، واليوم ودون ان يدري اي منا ان التاريخ يسجل عليه حتى انفاسه خاصة للشخص المتصدي للعمل العام ، والكيانات السياسية باعتبارها اشخاصا معنوية تصدت للعمل الحكومي ،بعد عام 2003 فهي اذن من اشخاص التاريخ والتي تخضع لتقييماته امام الله والزمن ، بقدر ما قدمته واخرته لهذا الوطن ، والسؤال الواجب الاجابة عليه ، هل قامت الكتل منفردة او مجتمعة باجراء وقفة تاملية امام النفس او امام الجماهير .؟ الجواب مجهول .. وكل كتلة تعرف نفسها ، بيد ان الامر يختلف امام المراقب السياسي ، ومن مجريات الامور وعلى مدى عمر التجربة العراقية بعد التغيير ، ومن تكرار الاخطاء وتناسخها بعد كل دورة انتخابية ، 
لا يجد المراقب ان هناك تغيير في المناهج والسلوك ، بل على العكس ان هناك استمتاع بالمسير على ذات النهج لا بل ربما هناك من يدافع عنه ويسوغه لهذا السبب او ذاك ، والمثير للاستغراب ان كل الكتل تشترك بذات النزعة الارتدادية على الاسلوب والمنطق الديموقراطي ، واول هذا الارتداد هو توجه الكل لمعادات الكل ، ولم يعد اي من الكتل بعد سنة من الانتخابات  يتحمل الاخر في حين ان منطق الديموقراطية هو القدرة على تحمل راى الاخرين ، ويقول بهذا الصدد المفكر الفرنسي انك تستطيع ان تطلب من الانسان ان يحمل حقائبك لكن لا تستطيع ان تطلب منه حمل افكارك بتعبير اخر ان الكل اراد من الجميع تبني مسلماته  باسلوب الفرض وباسلوب الغالب والمغلوب ، وهو الارتداد الديكتاتوري على الديموقراطية ، كما وان الامر تعدى الكتل الي بواطنها فاخذ كل تنظيم  او حزب يعادي الاخر او على الاقل يكانفه في حتى صغائر الامور ونسي الكل الدولة تسير بلا هدف ولا منهاج ، وسارت الدولة بكل اجهزتها على يد موظفين جدد لم يستوعبوا ثوابت الوزارات المركزية وتعليماتها الاساسية بل راحوا يجتهدون بلا خلفية ادارية مما ادى الى حرف الدولة عن مهماتها الاساسية بعد ان تم شخصنة دوائرها وباتت الدولة تخدم الاشخاص لا المجتمع ، وقد زاد عامل الارهاب  والفساد مهام جديدة على الدولة الا وهي الحرب على الارهاب والفساد ، 
وبذلك انحرفت الدولة انحرافا اخر فيدلا من البناء اخذت بمحاولة الهدم للارهاب والفساد ، لذا اضاعت الدولة بفعل قياداتها الطريق الذي تسلكه الدول المتحضرة الا هو طريق بناء الحياة الجديدة ، وامام كل هذه المعوقات التي تقف امام حركة الدولة الطبيعية ظلت جميع الكتل القائدة للمركز وامحافظات  اما واقفة تتفرج على كل هذا التاخر او ساهمت هي فيه بطريقة او اخرى  ، وبهذا مهدت السبيل امام توقف الخدمات بل وتوقف الزمن امام الشباب  مما دفع به النزول الى الشوارع رافعا لافتات التمرد على كتلهم واحزابهم ، وهذه مقدمة خطيرة لا تبشر بمستقبل مستقر للعراق  ،فعلى الكتل والاحزاب القائمة اخذ هذا التحول على محمل الجد وبعكسه  اذا ارادت هذه الكتل  العناد فانها الخسرانة في الانتخابات القادمة وهذا ما سنشير اليه في الحلقة القادمة …

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب