23 ديسمبر، 2024 6:47 م

الكتاب والنشر الرقمي

الكتاب والنشر الرقمي

مضى على رحلة الكتاب زمن ليس بالقليل ،وسيمضي زمن لاحق ولاحق ولاندري اين وكيف سيكون ، بعض المنظرين يرى بان عصر الكتاب سيذوي ويضمحل وسيشرق النشر الرقمي ليغطى مساحات واسعة ، وسيستحوذ على  عقول القراء ومحبي الاطلاع ،واخرون ينظرون للمشهد من زاوية اخرى ويراهنون على استمرارية الورق والكتاب تحت دعاوى كثيرة منها مايتعلق بالألفة التي يوفرها الكتاب والتواصل الحسي المباشر معه ومرونة التعامل ، فضلا عن اسباب اخر، وامد النشاط التقني بمعدات ومستلزمات كثيرة كي تقنع المستهلكين بصوابية منهج الانتقال من عصر الكتاب الورقي الى عصر الكتاب الرقمي والتي تفرضه مشروعية المواكبة والسرعة والاندماج والتلاقح المعلوماتي  وثورة الانفوميديا التي دخل بقوة في ميدان صناعة الكتاب الرقمي ،والتي وفرت ميدانا واسعا للانتشار في زمن لم يكن للكتاب ان يقطعه قبل هذا الوقت، وتتنافس اليوم شركات الانتاج الرقمي لمد السوق باحدث اجهزة القراءة الرقمية لملفات الـ (ورد ) والـ (بي دي اف) ،بل ان تصاميمها اقتربت كثير من شكل الكتاب وفيها مساحات تخزين عالية جدا يمكن ان تصل الى الاف الكتب ،وهي بمثبات مكتبات متجولة يستطيع القارىء عن طريقها تصفح مايحلو له مع التحديث والتفاعل المباشر ،كما يوفر خيارات كثيرة منها اضافة الصور او الموسيقى وملفات الفلاش ،اذن نحن امام عالم جديد هو معلواتي رقمي بامتياز، وهو محبب لعشاق الثورة الرقمية ،لكن الطرف المجرب عاشق البنية الورقية له ملاحظاته منها: مايتعلق بقدرة العين في التوصل مع شاشة بمقاس 7 او 8 وهي وان كانت تقرب من حجم اي كتاب ،الا ان الضوء يمكن ان يسبب اجهادا مباشرا عليها ،وبالتالي يمنع القارىء من التواصل، وهذا مالا تجده في الكتاب الذي يتمتع بخامة لاتسبب ذلك على الاقل ، فضلا عن اسباب شخصية تقنية اخرى ،مع ان الشركات ذات العلاقة تحاول ان تقدم مايسهل الامر ،الان ذلك لم يخفف من قيمة الملاحظات التي تؤشر،وفي واقع الحال فان للكتاب ببنيته الورقية مازال يحتفظ برومانسيته في التعامل ومازال هناك من يستمر في تعظيم مكتبته الشخصية بأفخر الكتب وبأنفع العنوانات التي تتعلق بحاجة القارىء وبالمقابل فأن المطابع ودور النشر مازالت هي الاخرى مستمرة ولم تتوقف ،بل يتعاظم هذا الدور يوميا دون خوف من تعاظم النشر الرقمي والذي بات يشكل تهديدا مباشرا في كثير من المناحي والانشطة الحياتية،بل ان النشاط الورق وماتجود به المطابع حفز كثير من محبي الانتاج الرقمي للعودة الى الكتاب الورقي لأسباب منها عدم تلبية رغبة القارىء ببعض العنوانات، والاسعار التي تفرضها مواقع البيع ، وصعوبة التواصل المباشر، وجوانب فنية وتقنية غالبا ماتؤثر على تتابعية ماينشر، لهذا فأن اللجوء الى الكتاب الورقي هو اسهل واكثر مرونة اذ يمكن ان تستحصل عليه من اي مكتبة او معرض للكتاب ، ولاننسى بالطبع قدرة ومزاجية القارىء، فهو وان كان يرغب بالحصول على مايريد ،الا ان هناك من المعوقات الشخصية التي يمكن ان تؤثر عليه تواصليا،عموما ان الصراع بين الكتاب الورقي والرقمي سيكون مستمرا على الاقل في الامد القريب ،وهو لاشك صراع معرفي محمود ،مادام ان الرابح في اخر الأمر هو المعرفة ومنظومة المعلومات ،كما لاينبغي ان يقلق طرفا التلقي تجاه مايحصل ،لان العالم يتطور تقنيا ويلقي بظلاله على المنتجين ان كان ورقيا او رقميا ،وستكون الخيارات متاحة امامها دون اي صعوبات مادية او معنوية وهذا هو حال المواكبة والأندماج مع ما يستجد.