22 ديسمبر، 2024 9:32 م

الكتاب والتراب … يؤكدان نظرية دارون

الكتاب والتراب … يؤكدان نظرية دارون

لا أود في هذه المقالة الاسهاب في تناول أدلة (التراب) ، وأعني بها أدلة الاحفوريات ، ولكن آية في كتاب الله العظيم ، أجد إنها تؤكد صحة نظرية دارون في النشوء والتطوّر والتي جاءت مساوقة وداعمة لأدلة الاحفوريات ، والتي مفادها :

(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) – الاعراف – ١٨٩

كل ذلك حدث منذ عشرات المليارات من السنين

وهناك … وعلى مدى المليارات والملايين من السنين …. حيث :-

 

١/ حدث الانفجار العظيم (Big bang) قبل ما يقرب من (14) مليار من السنين ، هذا الانفجار الذي أشار إليه القرآن العظيم قائلاً :- (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖأَفَلَا يُؤْمِنُونَ) 30 – الانبياء

ومن محاسن الصدف العجيبة الملفتة للنظر في هذه الأية ، إن (الذين كفروا) في الغرب ، هم أول من أشار إلى نظرية (الانفجار العظيم) الذي منه نشأت الكواكب والشمنوس والكويكبات والأقمار والمجاميع الشمسية ، واعتبروها من مكتشفاتهم المهمة .

 

٢/ وهناك .. قبل مليارات السنين … وكما أشار القرآن في الآية السابقة ، نشأت أولى (الكائنات الحية) على وجه الأرض في (ضحاضح الماء) ، في المستنقعات والمسطحات المائية ، في خليط من الماء والتراب (الطين) كما أشارت الآية أعلاه : (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) ، وكما أكد ذلك قول الله سبحانه :- (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ) – المؤمنون 12

 

٣/ وهناك أيضاً ، وقبل مليارات من السنين ، كانت ولادة (جدتنا الأولى) ، على شكل كائن (أولي) بدائي ، (وحيد الخلية – الميتازوا – Metazoa) ، والتي – بالكاد – قد وصلنا منها أنموذج أحفوري قديم ، أسميناه بــــ الأميبــا (Amoeba) ، والتي كانت تمثل بداية (الخلق) على الأرض .

 

٤/ الأميبا انشطرت على مر ملايين السنين ، واستمرت بالانشطار ولم تكل ولم تتعب ، وكانت تنتظر أن تأتيها الأوامر من (السماء) لتبدأ باختيار (عائلة) منها (للتطوّع) والاضطلاع باستقبال (طفرة ورائية) ، ستنتج جيلاً جديداً من كائنات (متعددة الخلايا – البروتوزوا – (Protozoa ، متمردة بذلك على (خصائصها البدائية) لتكون أكثر حرية وقابلية على تلقي (الطفرات الوراثية) .

 

٥/ كانت (بعض) عائلات (البروتوزوا) تنتظر الأوامر الجديدة ، وفعلاً ، حدثت طفرة وراثية (بإرادة الله أيضاً) في (بعض) عوائلها لتنتج كائنات أكثر تطوّراً ورقيّـاً ، واستمر التطور على مدى الملايين من السنين ، ، وفي كل مرة يتم اختيار (عائلة) من الفصيل (الجديد) لينشأ منها (جيل جديد آخر) ، حتى وصلت بعض عائلاتها إلى إنتاج (الكائنات المائية) ، واستمر التطوّر والطفرات الوراثية في (بعض العائلات) داخل (الماء) وفي (الماء) ومن (الماء) ، حيث نشأ من (بعض عائلات) الكائنات المائية جيل من (البرمائيات – Amphibians) ، والتي تشكل الضفادع النسبة الأكبر منها ، ثم شاء الله ان تحدث طفرة وراثية في (بعض) البرمائيات لتنشأ الكائنات (البرية) المتطورة على مدى آلاف وملايين الطفرات والسنين .

 

6/ الكائنات (البرية) استمرت بالتكاثر والحفاظ على مواصفاتها البيولوجية ، ، ولكن (بعض) عوائلها التحقت بركب التطور ، وترقت ، لينشأ منها عوائل جديدة ، اختار الله من (بعضها) أفراداً ، ليمنحها القدرة على التطوّر بطفرات وراثية ويوصلها إلى مراتب عليا من سلم التطوّر ، وشيئاً فشيئاً ، وعلى مدى ملايين ومليارات السنين جاءت فصيلة (القرود) التي تمثل الحلقة الأقرب للبشر والانسان في سلم التطور .

 

7/ وكانت مشيئة الله وخطته في الوجود أن تلتحق (بعض عائلات) القرود بركب التطوّر والطفرات الوراثية ، لتنتج الانسان القديم ، الذي أسماه المتخصصون بــــ (انسان جاوه) ، الذي حدثت في (بعض) عائلاته طفرة جديدة أوجدت منه إنساناً أكثر تطوراً هو الانسان البدائي (archaic humans) ، ونفس الشئ حدث مع (عائلات مختارة) من هذا الانسان ، لتوجد منه (الانسان العامل) ثم (إنسان غوتن) ثم (الانسان الماهر) ثم (إنسان بحيرة رودلف) ثم وصل الانسان إلى مرحلة عليا في سلم التطور لينشأ (الانسان الحديث – Homo sapiens) .

8/ ومن عائلة (كرومانيالية) مختارة من نوع الـــ (Homo sapiens) جاء (آدم الاول) الذي سبق أبينا (آدم الحديث) بملايين السنين ، ثم تبعه بعد ذلك (ألف ألف) آدم ، و (ألف ألف عالم) قبل أبينا (آدم) عليه السلام ، ولنفهم بعدها معنى قوله تعالى : (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا) نوح – 14

 

9/ ومن أبوين (آدميين) قديمين جاء ابونا (آدم) وأمّنا (حواء) عليهما السلام ، بعد أن (خلقهما) الله (في أحسن تقويم) ، و (سوّاهما) ، و(عدلهما) ، و (استويا قائمين منتصبين) ، وفي أجمل صورة – ما شاء – (ركبهما) ، وبهما بدأت النبوة و (الخلافة) على الأرض في عصر جديد ، حين تكامل المنتج ، وأصبح مستعداً لقبول (أخبار) السماء ، لم يعد بحاجة إلى (طفرة) وراثية في الخلق والخلقة ، بيد أنه أستمر في (طفراته الفكرية) ، حيث كانت وظيفته في (الخلافة على الأرض) أن يحدث – كل يوم – طفرة في الفكر ، كما أراد الله سبحانه حين قال : (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) البقرة – 30 .

 

10/ وفي عهد آدم (عليه السلام) بدأت النبوة والرسالات ، حيث : (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ) – ىالبقرة – 213

وكانت الشراكة بين أبينا آدم (عليه السلام) وببقايا الانسان القديم ، فعاشوا معاً على الأرض وفيها ، وتشاركوا الوجود ، وسمعوا الوحي ، وتزاوجوا ، وتقاسموا (الكروموسومات والجينات الوراثية القديمة والحديثة) .

 

11/ وفي عهد نوح (عليه السلام) ، وبعد الطوفان ، انقرضت بقايا (الآدميين) القدامى الذين سبقوا أبينا (آدم) عليه السلام ، واختفت أغلب (ملامحهم) ، وبقيت أغلب (ملاحمهم) التي توارثناها نحن بنو البشر ، والتي أشار إليها الملائكة قائلين : (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) ، بعد أن أخبرهم الله عن الجزئية (الأخيرة) من خطته في الكون قائلاً :- (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) .

وهكذا .. أصبح كل ما تبقى على الأرض من ذرية (آدم) عليه السلام ، مع الاحتفاظ ببعض (الجينات) التي تعلقت بنا من آبائنا (الآدميين) الأقدمين والتي تظهر أحياناً في الشكل والمضمون لدى البعض .