23 ديسمبر، 2024 8:45 م

الكتاب بدل العبوة الناسفة

الكتاب بدل العبوة الناسفة

قيل قديماً (مصر تؤلف و لبنان تطبع و العراق يقرأ ) و هذه المقولة تعكس صورة أن العراقيين كانوا القراء الأوائل في الوطن العربي و رواد الثقافة و المعرفة و ملتهمي ما يصدر من مؤلفات بكل ألوان الفكر و مجالات الأبداع الأدبي و العلمي و الفلسفي و لكن حدث نكوص هائل و أنحسار شديد في واقع القرّاء و رواد الكتب لأسباب عديدة تراكبت و تعاضدت  مع بعضها لتنتج أجيال لم يصادقوا خير جليس في الزمان و هجروا الكتاب و بالتالي عاشت المعرفة غربة فحل الجهل ضيفاً و رفعت رايته على رؤوس الاشهاد فتنفس التطرف و التعصب و نمى التخلف في ربوع العراق ليتخلل نهج التكفير بين طيات مجتمعنا و يجد له مستقراً و مستودعاً في حبيبات تربة هذا الوطن , مستورداً قبيحاً من دول الجوار التي لا تريد بالعراق الخير فسلمت الرؤوس الخاوية طواعية لتملأ بنتاج متطرف لا يرى الخير الا عفونة أفكاره و يحكم على كل من لا يخضع لمنهجه بسلب الحياة و قطع الرأس الذي يفكر لأنه لا يريد الفكر ، و يقتلع القلوب لأنه لا يرغب بقلوب تنبض بحب الاخرين و يقتلع العيون لأنه لايرى الا ظلمة أفكاره ، إنهم كالاعشاب الضارة التي حتى لو قطعتها الف مرة ستعود للنمو لتزاحم الافكار الصالحة و تشوش على المصلحين و قبل أن نصل الى مرحلة مأساوية بأخر الدواء الكي ، و نقطع العضو المصاب من جسد العراق علينا تحصين مجتمعنا بالمعرفة و افضل طريق لها هو الكتاب فتحريره من السجن الذي وضع فيه في هذه السنوات و أعادته الى الحياة و ترغيب الأجيال الناشئة بالكتاب و المطالعة و حب المعرفة مقابل الموجة العارمة من التجهيل و التسابق المحموم في أقتناء أخر صيحات أجهزة الاتصال و التواصل لأرضاء الشهوات و أشباعها بينما لا يوجد من يهتم بالكتاب حتى من قبل المدرسة التي هي( مصنع المعرفة ) فألغي درس المطالعة و حكم على المكتبات بالموت السريري و تخرجت أجيال تتبعها أجيال لم تقلب في حياتها كتاب ، الا المناهج الدراسية التي يبغضونها ، إننا نملك وقت الفراغ المهدور الهائل و الدليل كثرة المقاهي و تكاثرها و أصطفاف الشباب فيها لساعات لا يستنزفون فيها الا وقتهم في شرب (النركيلة ) و تداول الاحاديث السطحية عن برشلونة و ريال مدريد و لو أستثمر ربع هذا الوقت في مطالعة كتيب صغير أو صحيفة أو مقال ما لأنتشر الوعي في مجتمعنا و رأينا بوضوح ما يراد و ما يدار بنا و حولنا ، هي دعوة لأصحاب القدرة و المسؤولية للعودة بنا الى الكتاب كحل مقابل ثقافة التجهيل تتزامن مع معارض الكتاب الدولية الكبيرة التي تقام حالياً في النجف و بغداد و دمتم سالمين .