18 ديسمبر، 2024 11:55 م

الكتاب العلمي عند عرب وعراقيو اليوم.. لا يساوي صورة إباحية

الكتاب العلمي عند عرب وعراقيو اليوم.. لا يساوي صورة إباحية

ـ قضيتُ عشرين سنة في البحث والاستقصاء.. مثلما قرأتُ 70 اضبارة شخصية ل 70 شخصية عراقية.. كان لها تأثير في سياسة العراق الجمهوري منذ العام 1958 حتى العام 2003.. وأجريتُ أكثر من 250 مقابلة مباشرة مع بعض هذه الشخصيات وشخصيات أخرى لها دور في العراق الجمهوري في فترات مختلفة.. كما قرأتُ بإمعان كل سير حياة الشخصيات (المدنية والعسكرية) الجمهورية ومذكراتهم.. سواء التي كتبوها هم.. أو التي كتبت عنهم.. واطلعتُ على كل الوثائق التي تخص فترة كتابي هذا.. سواء المنشورة منها.. أم غير المنشورة.. ولم أبقي مصدراً.. أو ملفاً.. أو كتاباً.. أو أطروحة تخص العراق الجمهوري لم أقرأها للفترة المحددة لكتابي الجديد..
تناولتُ في كتابي هذا70 شخصية عراقية كانت في الصف الأول وبعضاً في الصف الثاني في مسؤولية العراق الجمهوري (الرؤساء.. ورؤساء الوزراء.. والوزراء.. وشخصيات أخرى.. كان لها تأثير كبير على العراق.. سواء كان هذا التأثير إيجابياً أم سلبياً.. وكنتُ دقيقاً جداً في تثبيت المعلومات الحقيقية.. بحيادية وعلمية تامة.. غير معنياً برأيي عن هذه الشخصية أو تلك..
استكملتُ كتابي الموسوعي الضخم هذا الذي تجاوز ألاف صفحة.. بعنوانه النهائي: (رجالات العراق الجمهوري.. من عبد الكريم قاسم الى صدام حسين).. وبدأتُ أفتش عن دار نشر محترمة ومعروفة لطبعه ونشره لحسابها.. مقابل حقوقي وجهدي الذي لا يقدر بثمن.. كبقية مؤلفاتي السابقة.. التي بلغت 25 كتاباً.. والتي حصلتُ على 3000 دولار الى 2000 دولار عن كل كتاب مع 30 نسخة.. وفي حالة طبعه ثانيةً أحصل على 70 % مما حصلت عن الطبعة الأولى..
ـ باءت محاولاتي لنشره في المؤسسات الرسمية العراقية الداعمة للتأليف والنشر بالفشل.. كأي مؤلف علمي فليس له سند فيها.. أما دور النشر الخاصة فهي اليوم تأخذ من الكاتب لأغراض نشر كتابه.. أو يبقى على الرف..
ـ بعد جهود كبيرة واتصالات بدور النشر العربية الخاصة: اللبنانية.. والأردنية.. والمصرية.. والعراقية.. التي رحبت جميعها بنشره.. كان أفضل جواب انه يقدمون لي 100 نسخة من كتابي هذا فقط كثمن لحقوق تأليفي له !!!!!
ـ سألتُ أكثر من ناشر هل كتابي هذا غير مطلوب ؟ قالوا: كلا..انه من بين أفضل الكتاب ؟ وكتاب مقروء.. لكن المؤلفين اليوم.. يدفعون من جيوبهم لطبع كتبهم.. فلماذا ندفع نحن ؟؟؟
ـ نعم يدفعون كما يقول العديد من الناشرين.. مسؤولون كثيرون لا يعرفون كتابة جملتين صحيحتين.. تكتب لهم كتب بأسمائهم.. آخرون حصلوا على شهادات عليا بأطاريح مسروقة.. أو اشتروها من مكاتب متخصصة بذلك.. مثل هذه النومونات تريد أن يكون لها جاه (علمي).. يدفعون.. ويدفعون.. ليقال عنهم.. إنهم: (كتاب.. ومؤلفون) !!
ـ فصيل آخر يدفع بسخاء لنشر كتابه.. فهناك عوائل بعض الشخصيات المتوفاة.. يكتب لهم كتاب سيرة حياة شخصيتهم.. ويعمدون الى كتابة أمور وصفات ليس يتصف بها شخصيتهم.. أو أعمال لم يقم بها صاحبهم.. أو يحاولون تبيض أعمال شخصيتهم التي أجرمت بحق العراق والعراقيين.. وهؤلاء الكتاب يشاركون بتزييف التاريخ مقابل اجور أتعاب أو هدية نقدية قد تكون ضخمة.. لكنها بكل المسميات هي رشوة وجريمة بحق تاريخ العراق والعراقيين..
ـ وهكذا فإن معظم دور النشر العربية والعراقية لم تعد تفرق بين الغث والسمين.. ولم يعد همها الكتاب والمثقف بقد ربحها كيف ما كان..
ـ امرأة كانت جالسة في أحدى دور النشر.. قالت: صورة إباحية حديثة لغير معروفة.. تشترى بمبلغ يصل 100 ألف $ أو أكثر بكثير!!.. نظرتُ إليها.. وقلت لها في كل الأزمان للجنس والتعري القدح المعلى.. لكن يبقى للعلم قدحه الماسي !!
ـ لم تخيب أمالي.. ولم يدخل اليأس الى قلبي.. وكنتٌ على ثقة تامة إن العلم مهما تدهورت الأحوال يبقى كأسه ماسي.. فمن المستحيل وصول العلم والتأليف في العراق لهذا الدرك.. وواصلت العمل في التأليف.. وأنجزت كتابي الجديد الآخر (فاضل عباس المهداوي.. ومحكمة الشعب العراقية).. مثلما بقيتُ على نفس الهمة بالعمل على استكمال كتابي الثالث: (رجالات العهد الملكي في العراق).. إضافة الى دراستي ومقالتي المستمرة..
ـ قبل أسبوع اتصل بيً هاتفياً ناشر عراقي.. قائلاً: أنا مستعد لنشر كتابك وحقوقك كمؤلف أنت تقررها وأنا موافق.. وأخيراً اتفقنا.. وتبين إن هذا الناشر يحمل الدكتوراه.. وله دار نشر كبيرة ومحترمة.. ولا ينشر إلا لكتاب ومؤرخين معروفين بأمانتهم العلمية والتاريخية ورصانة كتابتهم..