ملاحظة لابدّ منها:
أكتب هذه الأسطر والأمّة في يومها السّابع بعد الشهر الأوّل من فتح طوفان الأقصى، راجين لإخواننا الفلسطينيين النّصر، والثّبات، والتّوفيق.
مقدمة الصّديق الوفي:
دعاني صديقي طيب كرفاح الجزائري عبر المحمول، والخاص إلى حضور جلسة علمية حول عرض كتاب، وقال بالحرف: “يسعدنا أن تحضر معنا جلستنا القرائية لرواية ابن الفلاح للكاتب د . تامي مجبر رحمه الله الذي أسمينا عليه نادينا الأدبي وهو ابن ولاية الشلف .. حضوركم سيثري المداخلات بالمناقشة الراقية كما عهدناكم أبدا.. ألف مرحبا..الإعلان دعوة رسمية وأخوية..السبت 11 نوفمبر 13.30 سا ..دارالشباب الإخوة لزعر بوقادير..”.
لبيت الدعوة على الفور، ودون تردّد حتّى أنّي لم أنتظر خروج أصغر الأبناء من حصته الرياضية، وتركته يعود للبيت بمفرده، وأسرعت للالتحاق بأهل الحبر، والسّطر.
وبما أنّ صاحب الأسطر لم يقرأ الكتاب، ولم يقرأ لصاحب الكتاب، سيدع عرض الكتاب جانبا، ويتطرّق لنقاط عرضها أثناء الجلسة، ويزيدها توضيحا، وهي:
اللّغة الفرنسية للجيل الذهبي:
سمعت للأساتذدة المتدخلين، قولهم: اعذروني إذا خاطبتكم باللّغة الفرنسية. ومعذرة، فتكويني باللّغة الفرنسية.
أقول: الأساتذة الذين تدخلوا كلّهم من كبار السّن، والمعروف أنّ هذا الجيل درس لدى المدرسة الفرنسية الاستدمارية حيث التكوين باللّغة الفرنسية، والأساتذة كلّهم باللّغة فرنسيين، وطوال حياتهم الدراسية. ولا عجب إن كان الجزائري يتحدّث اللّغة الفرنسية، ويكتب بها. ف
لا داعي أن تعتذروا، فهذا تكوينكم طيلة حياتكم. والمهم أن يظلّ حبّكم للّغة العربية قائما، ونصرتكم لها بما تؤمنون به، وتستطيعون إلى ذلك سبيلا.
للأمانة، اتّصل بي عقب الانتهاء من الجلسة العلمية، مجموعة من الأساتذة وأثنوا على هذه النقطة بالذات. مايدل على تأثيرها على الجيل الذهبي من الجزائريين.
الجيل الذهبي يحسن لغة التّخصص، ولغة الأدب:
من بين النقاط التي تعرّض الأساتذة، هي: الكاتب طبيب، وأبدع في مجال الكتابة الأدبية.
أقول: لم تكن هناك مسافة شاسعة بين اللّغة التي تعلّمها الجزائري، وهي اللّغة الفرنسية، باعتبارها اللّغة الوحيدة يومها من جهة، واللّغة التي كان يكتب بها، من جهة ثانية. ولذلك أبدع الجيل الذهبي في الكتابة باللّغة الفرنسية. لأنّه درس باللّغة الفرنسية طوال حياته، ومهما كان تخصّصه. ولم يكن الفرنسي يطرح موضوع التّخصّص أثناء الاستدمارالفرنسي.
الجزائري متمكّن ضليع في اللّغة الفرنسية، ودرس تخصّصه كالطب، والهندسة الكهربائية، والصيدلة باللّغة الفرنسية. ومن السّهولة، واليسر أن يكتب في المجال الأدبي باللّغة الفرنسية، مادام يتقن الوسيلة وهي اللّغة الفرنسية بامتياز، وروعة، وجلال، وجمال.
مسألة كتابة الطبيب، أو مهندس الكهرباء، أو الصيدلي في المجال الأدبي لاتطرح أبدا في تلك الفترة، باعتبار المعني يومها متمكّن جدّا في استعمال اللّغة الفرنسية التي تعلّم بها طوال مساره الدراسي، ودرس بها تخصّصه، وأبدع عبرها في كتابة الأدب باللّغة الفرنسية.
شروط الاستدمار الفرنسي للنشر:
تطرّق الأساتذة إلى نقطة مفادها: لم يذكر الكاتب الاستدمار الفرنسي، وجرائمه ضدّ الشعب الجزائري رغم أنّ الكاتب أنهى كتابه -حسب الأساتذة- سنة 1958، ونشر الكتاب سنة 1961.
أقول: يشترط الاستدمار الفرنسي لنشر الكتب يومها:
أن يكون الكاتب مواليا للاستدمار الفرنسي، ومؤيّدا له، ومبغضا للجزائر، والجزائريين، والثّورة الجزائرية، وقادتها، ورجالها، وخير مثال على ذلك هو ألبير كامي الذي تحصّل على جائزة نوبل للآداب باللّغة الفرنسية سنة 1957، لتأييده ومناصرته للاستدمار الفرنسي، واحتلال الجزائر، وليس لأسلوبه، ولغته، والتي يقرّ صاحب الأسطر أنّها جيّدة، وعالية.
أو يفضّل الصّمت، ولا يتحدّث عن الاستدمار الفرنسي، ويكتفي في أحسن الأحوال بالإشارة إلى بعض المظاهر العامة التي لاتوقظ الهمم، ولا تغضب الاستدمار الفرنسي، ولا تمنع الكتاب من النشر.
ابن الفقير، وابن الفلاح:
ممّا وقف عنده صاحب الأسطر وهو يقرأ عنوان الكتاب: ” Le Fils du fellah”، ويقارنه بعنوان كتاب مولود فرعون: “Le Fils du pauvre”، باعتبارهما عاشا نفس فترة الاستدمار الفرنسي، أنّ:
لفظ الإبن تكرّر لدى عنوان الكتاب الأوّل، والثّاني.
يدل “الإبن” على المستقبل، والقادم، والتفاؤل بشأن الغد رغم ظلمة، وظلام الاستدمار الذي فرض على الجزائريين منذ سنة 1830.
و”الفقير” هو نفسه “الفلاح”، باعتبار الفلاح الجزائري أثناء الاستدمار الفرنسي فقير، ومعدم لايملك شيئا.
الأحد 28 ربيع الثّاني 1445هـ، الموافق لـ 12 نوفمبر 2023
الشرفة- الشلف- الجزائر