23 ديسمبر، 2024 4:24 م

الكتابة عن الأشخاص!!

الكتابة عن الأشخاص!!

ظاهرة تطغى على ما تنشره الصحف الإليكترونية خصوصا والورقية كذلك , فلو كتبتَ مقالة تتناول فيها أحد الأسماء العاملة في السياسية , لتم قراءتها مئات المرات , فمن الملاحظ أن المقالات التي تتحدث عن الأشخاص أو تهاجمهم ذات مقروئية عالية.

مما يشجع تواصل الكتابة عن هذا وذاك , مدحا أو قدحا وتبريرا وتسويغا ودفاعا , والبعض يمنح الأوصاف والتسميات البراقة جيدة أو سيئة.

وهذا يعني أن لهذه الكتابات سوق رائجة , أي أن هناك ما يساهم في إنتشارها وطغيانها على الصحف والمواقع الإليكترونية المتعددة.

مما يؤكد بأن لدينا ميل للقيل والقال , ولولا تشجيع الناس لهذه المقالات لما تواصل كتابها بكتابتها.

فلو تصفحنا أي موقع للنشر لوجدنا أن النسبة الأعظم من المقالات على وعن الأشخاص.

فلا تجد وطنا ولا رؤية وتعبير عن مكابدات إنسانية ومعاناة يومية , فما يرتبط بالإنسان لا قيمة له ولا يشد الإنتباه , فالذي يعني هو المسؤول والكرسي لا غير.

وبالمقارنة مع المواقع العربية تكون هذه الظاهرة ربما عراقية بحتة.

فالصحف والمواقع المصرية مثلا , لا تتناول الأشخاص مثلما يحصل عندنا , وإن تطرقت لشخص فأنها تصفه ولا تسميه في معظم الأحيان , وتطرح الموضوعات بمنطق ومعقولية ورؤية وطنية واضحة , وكذلك غيرها من المواقع العربية.

أما المواقع الأجنبية , فما نكتبه في صحفنا ومواقعنا , ربما يعد سلوكيات يحاسب عليها القانون في دولها الديمقراطية , لأن الكلمة مسؤولية وفعل , ولا بد أن تكون مصحوبة بنتائج إيجابية ذات قيمة وطنية وإنسانية.

فعندما تتناول موضوعا يرتبط بشخص لا بد من الأدلة والبراهين الواضحة والبيانات الرصينة , لأن على ذلك تترتب نتائج قانونية قد تفضي لإقصائه من منصبه أو إحالته للمساءلة والمحاكمة , والشواهد عديدة على ذلك.

بينما عندنا صارت الكتابة عن الأشخاص أو عليهم , كالكتابة على وجه الماء , وفقدت هذه الكتابات دورها الإصلاحي والتنويري والإرشادي , وتحولت إلى تنفيس أو ترويح عن إنفعالات سلبية , أو شعور بالراحة لمدح هذا أو قدح ذاك.

وهذا يشير إلى العجز عن العمل وعدم القدرة على التغيير الإيجابي.

وما يسوّغ هذه الكتابات أنها تتحول إلى فعل وعمل لا أكثر , فإذا أخطأ المسؤول أو فسد , فلا نستطيع فعل شيئ سوى القول , والكتابة والتشهير والهجوم المنفعل , والشخص المعني يزداد فسادا وإمعانا

بما يقوم به , ولا شيئ يتحقق في الواقع ولا يتغير سلوكه , بل يتحدى ويتمادى ويزداد قوة وقدرة على عمل الأسوأ.

وفي هذه الدائرة المفرغة من التداعيات لا بد من تدارك الأمور , والخروج من مأزق التاسن والتعفن السلوكي المهيمن على الواقع المشحون بالتداعيات والإنهيارات المتنوعة المستويات , فلا بد من صرخة حق , ونداء وطن , وإعتصام بقيم ومعايير أخلاقية وسلوكية تعيد المسيرة الوطنية إلى سكتها الصائبة السليمة.

ومن الواجب الإقتراب من الظواهر والتحديات ودراستها وتقديم الحلول المقترحة للخروج منها , فعندما تتصدى العقول لأية ظاهرة فأنها ستصل إلى ما هو مناسب لمواجهتها.