في بداية السبعينات طلبت مجلة الاسبوع العربي من الشاعر الكبير نزار قباني ان تكون له نافذه اسبوعية يطل من خلالها على القراء، حيث يعتبر نزار قباني الكتابة للصحافة قيد او دخول لقفص العمل الصحفي وهو الشاعر الذي طالما رغب بالحرية والعمل بلا قيد . الا انه بدأ بكتابة مجموعه من المقالات تم نشرها في الفترة ما بين 1973 حتى عام 1975 وتم جمع هذا المقالات بكتاب عنوانه الرئيسي (الكتابة عمل انقلابي ).يشترط شاعرنا الكبير على اي كتابه ان يكون شرطها الاساسي انقلابي وهذا شرط يعتبرة لا يمكن السكوت او التهاون عنه . وأي كتابه خارج العمل الانقلابي هي كتابة نسخ او تكرار او شرح لما سبق .الكتابة الجيدة التي يريدها نزار هي الكتابة التي تناقض النسخ وتنقض النقل وتكرار الماضي كما القصيدة الجيدة هي النسخة الاولى التي ليس لها ثانية كذلك يجب ان تكون الكتابة عمل اول ان يكون لها زمنها الخاص وظروفها. الانقلابي الذي يؤكد عليه شاعرنا الكبير نزار هو خروج الكاتب والكتابة على سلطة الماضي بكل أنواعها الأبوية والعائلية وإعلان العصيان على كل الصيغ الادبية التي بحكم الزمن اصبحت تشبه الوثن .
ثم يعطي نزار شرط اخر للانقلاب حيث يطالب بالغاء كل حلقات الذكر التي ينظمها دراويش الكلمة,ومتعهدو حفلات الأدب ويدورون حول ضريح لايوجد احد به.لقد اعطى نزار من خلال كتابتة عن الفعل الانقلابي صورة واضحة وجريئة لمهمة الكاتب الانقلابي الصعبة والدقيقة لانها تتعلق بالغاء نظام قائم وإعلان نظام بديل يصعب على الناس في بادىء الامر وإقامة صرح معرفي جديد ينسجم مع متطلبات الحياة متغيراتها ،وفيما بعد يستمر الكاتب الانقلابي يثير الدهشة حتى تصبح الدهشة عادة ثانية لاتثير حماس الناس ولا خيالهم ..فيبداون في البحث عن انقلابي اخر يحرك طفولتهم ويرميهم في بحر الانبهار والمفاجات من جديد. الكتابه في زمن الصخب والحرب والصراع كتابة تكون اكثر من فعل انقلابي انها كتابه للتاريخ كتابه تؤرخ لأحداث تاريخية كتابه تؤسس لزمن، تعطي للمستقبل الكتابة هدفها المطالبه بالاصلاح النقد والتقيم. للنظر للحياة بحروف اعمق وكلمات ادق ومفاهيم اكثر دلاله .الكتابة وظيفتها ان تعي مسؤولية الكلمة ان تقدم للناس الحقيقة بصوت عالي وان لا تكون نعيق غراب او نذير شؤم او كتابه تعزز القيود .بل تكون دائما مغردة خارج السرب كاسره لكل قيد باعثه وسط الفوضى امل ووسط الظلام نور.
ومضة :لا بأس في أن يكون المتكلم أحمقاً ما دام المستمع حكيما.لاوتسو