23 ديسمبر، 2024 2:07 م

الكتابة التاريخية على وفق منهج ابن تيمية

الكتابة التاريخية على وفق منهج ابن تيمية

الشيعة ومسؤولية الإرهاب التكفيري أنموذجاً
الحلقة الأولى
مخرجات منهج ابن تيمية في قراءة عصر صدر الإسلام
بعد ظهور المسميات الجديدة للجماعات الوهابية التكفيرية الإرهابية؛ كالقاعدة وأنصار الإسلام وانصار الشريعة وأنصار السنة وطالبان والشباب وبوكوحرام وداعش وغيرها؛ منذ ثمانيات القرن الماضي وحتى الآن، وما قامت به من إرهاب منظم وإبادة جماعية وتفجيرات واغتيالات، وانتهاك للأعراض، واستيلاء على الأموال والممتلكات والأراضي، وتشويه بشع لحقيقة الإسلام، وتقديم صورة متوحشة عن المسلمين، وإحداث فتنٍ كبرى بينهم، وتفتيت أمنهم الوطني، وتمزيق نسيجهم الإجتماعي، وتدمير إقتصادياتهم، وتحويل بلدانهم الى ساحات للصراعات المذهبية والطائفية والسياسية والإعلامية والمجتمعية، وضمان أمن الكيان الإسرائيلي، وإعطاء الغرب كل مسوغات إحتلال بلاد المسلمين؛ بعد كل هذا أو بموازاته؛ إكتشفت المخابرات السعودية والمشايخ الوهابيون وبعض الطائفيين السنة في البلدان العربية والإسلامية؛ مقتفين بذلك منهج إبن تيمية في التدوين الايديولوجي الفنتازي للتاريخ؛ إكتشفوا إن الشيعة وإيران يقفون وراء هذه الجماعات الوهابية الإرهابية التكفيرية، ووراء جميع أعمالها الإجرامية في العراق وسوريا وباكستان وأفغانستان والسعودية ولبنان وإيران والكويت. ولم يصدق أحد هذا الإكتشاف؛ ولايزال الجميع يسخرون من هذا الإدعاء؛ ولاسيما الأوربيين والامريكان؛ الذين يزعمون أنهم يعلمون بدقة تفاصيل جذور هذه الجماعات وأصولها الحديثة وكيفية نشوئها ودعمها وتمويلها ورعايتها

وقادتها؛ إذ يجمعون على انها صناعة وهابية سعودية بإمتياز؛ وبرعاية أمريكية ودعم إسرائيلي.

ولكن بعد دراسة معمقة للتاريخ الإسلامي ونشوء الفرق والمذاهب والجماعات الإسلامية؛ وصولاً الى واقعنا الحالي؛ توصلتُ أيضاً الى الحقيقة التي يؤكدها الوهابيون السعوديون والطائفيون من السنة، والتي يكابر الغربيون والشرقيون عندما لايصدِّقونها؛ توصلتُ الى هذه الحقيقة؛ عبر إستخدام المنهج الفنتازي الايديولوجي لمجدد الفكر التكفيري الإرهابي الشيخ أحمد إبن تيمية في التدوين التاريخي؛ وهو المنهج الأسطوري الذي يخترع الوقائع بناءً على القبليات العقيدية وحاجة المؤرخ والمحلل التاريخي والسياسي للحدث والواقعة اللتين يستدل بهما لإثبات معتقده وفكره ومذهبه الفقهي؛ وهو شبيه بالمنهج الفنتازي في تدوين الحديث الشريف، والذي سمح للمحدثين والرواة الكذَبة في العصرين الأموي والعباسي بوضع آلاف الأحاديث على رسول الله ( ص) أو تحريف الصحيح من الأحاديث؛ لتسويغ سلوكيات السلطة السياسية أو تمرير ايديولوجيا سياسية او مذهبية معينة.

وتتبين هذه الحقيقة الخطيرة من خلال تحربة تدوين المحطات التاريخية؛ منذ وفاة رسول الله (ص) وحتى الآن؛ على وفق منهج إبن تيمية:

1- في 28 صفر سنة 11 للهجرة؛ الموافق 8 حزيران/ يونيو سنة 632 للميلاد؛ توفي رسول الله محمد ( ص) في المدينة المنورة بالحجاز. وقبل أن ينتهي صهره ووصيه الإمام علي بن ابي طالب (ع) وبنو هاشم من غسله ودفنه؛ ظهرت بوادر الإنقلاب على الرسالة المحمدية؛ فقد قام شيعة علي بن أبي طالب بالتجمهر في سقيفة بني ساعدة في عاصمة الدولة الإسلامية؛ يقودهم أبو سعيد الخدري وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري والأحنف بن قيس وأويس القرني والأصبغ بن نباتة وحبيب بن مظاهر وجابر الانصاري وخزيمة بن ثابت وزيد بن صوحان وسليمان بن صرد الخزاعي وعمرو بن الحمق الخزاعي وعبد الله بن بديل وهاشم المرقال والمقداد بن الأسود وابو رافع وثابت بن قيس وحذيفة بن اليمان والبراء بن عازب والحارث الهمداني وسهل بن

حنيف وقيس بن سعد الانصاري وعمار بن ياسر. لقد تجمهروا وهم يعرفون معرفة يقينية حق الإمام علي ( ع ) في خلافة رسول الله ( ص)، وسمعوا وصيته لعلي بالولاية والخلافة والإمامة من بعده في عشرات الوقائع المثبتة، وبايعوا عليا في الغدير؛ بل كان يكفيهم قول رسول الله فيه: (( علي مع الحق والحق مع علي؛ يدور معه حيث دار)). إلّا أن هؤلاء الشيعة وقادتهم إنقلبوا على وصايا الرسول وتأكيداته، وتنكروا لبيعة الغدير، وطالبوا بتقاسم السلطة والثروة، ثم أجبروا أبا بكر بن أبي قحافة على القبول بالخلافة، على الرغم من رفضه ورفض عمر بن الخطاب ومعظم الحاضرين لهذا الإنقلاب، وتمسكهم بالبيعة لعلي. ثم شهر شيعة علي بن ابي طالب السيوف بوجه الأنصار والمهاجرين، وأرغموهم على بيعة أبي بكر خليفةً للمسلمين.

وبعد فترة مرت على خلافة أبي بكر؛ تنبّه الخليفة وأصحابه، ولاسيما عمر وعثمان الى ماقام به الشيعة من سلوك عنيف أدى الى تنحية الإمام علي ( ع ) عن حقه الشرعي؛ وما أعقبه من هجوم على بيت الإمام علي والسيدة فاطمة الزهراء (ع)؛ قام به زعماء الشيعة يقودهم سلمان الفارسي، وعدوانهم على سيدة النساء ومحاولة إجبارهم الإمام علياً على البيعة، ثم تآمر زعماء الشيعة على السيدة فاطمة بنت رسول الله؛ التي قال فيها (( فاطمة بضعة مني؛ من آذاها فقد آذاني ))؛ والذي انتهى الى منعها من حقها في ” فدك “. و لكن الشيعة ألقوا بتبعية إيذاء فاطمة على الخليفة الأول الخليفة الثاني.

و درءاً للفتنة؛ أجرت سلطات الخلافة تحقيقاً شاملاً في هذه الملفات؛ فتبين أن الصحابي سلمان الفارسي الذي إدعى إن الرسول لقّبه بالمحمدي؛ وهو فارسي مجوسي، وعميل للإمبراطورية الفارسية، قد قام بأكبر إختراق للصف العروبي الإسلامي؛ إذ كان مكلفاً من مخابرات كسرى انوشيروان بتنفيذ مؤامرة فارسية مجوسية بتدمير القومية العربية؛ بالتعاون مع العميل الرومي صهيب والعميل الحبشي بلال؛ عبر عزل علي بن ابي طالب عن خلافة الرسول؛ لأن الفرس لايريدون أن تجتمع النبوة والخلافة في بني هاشم. وبذلك كانت السقيفة أول عمل يقوم به الشيعة العرب؛ بدفع من الفرس؛ لحرف الإسلام عن خطه الأصيل. وقد نجحوا في ذلك. فكان هذا التأسيس هو المنهج المنحرف الذي ظل الشيعة يسيرون عليه طيلة التاريخ ؛ وحتى يومنا هذا.

2- قام يعض زعماء الشيعة؛ يتقدمهم محمد بن أبي بكر وميثم التمار وكميل بن زياد وحبيب بن مظاهر وسليمان بن صرد الخزاعي وصعصة بن صوحان وغيرهم؛ بإستحصال فتوى من فقيه المسلمين الصحابي الهاشمي الشيعي عبد الله بن عباس بقتل الإمام علي؛ على الرغم من أن إبن عياس هو إبن عم الإمام علي. ونسق قادة الشيعة المذكورون إنقلابهم على الإمام علي مع معاوية بن ابي سفيان، واخترقوا فرقة الخوارج وأقنعوهم بفتوى إبن عباس، ثم غرر هؤلاء الشيعة بالإرهابي التكفيري الخارجي عبد الرحمن بن ملجم عبر إرسال إمرأة من الخوارج اليه إسمها قطام؛ لينفذ جريمته بقتل امير المؤمنين غيلة في محراب صلاة الفجر عام 40 للهجرة.

علماً أن هذه ليست المؤامرة الشيعية الأولى لإغتيال أمير المؤمنين؛ بل سبق للثلاثي مالك الاشتر وعمار بن ياسر والمقداد بن الأسود أن خططوا للقيام بإنقلاب عسكري على الإمام علي بالتعاون مع مجموعة فارسية مجوسية سبق للجاسوس العميل سلمان الفارسي أن أسسها في الكوفة قبل وفاته. ولحسن الحظ فإن قادة الشيعة الثلاثة المذكورين استشهدوا بين يدي الإمام علي قبل تنفيذ مؤامرتهم ضده.

وعلى إثر ذلك قام أهل السنة بقيادة معاوية وأهل القرآن من الخوارج؛ بالإنتقام لدم الإمام علي ( ع ) من شيعته الذين تآمروا عليه؛ فشنوا عليهم الحروب وسجنوهم وقتلوهم وشردوهم وسبوا نساءهم وهتكوا اعراضهم وصادروا أموالهم. كما أثبتت تحقيقات معاوية أن بعض القادة الفرس من يقايا الإمبراطورية الفارسية قد أرسلوا أموالاً واسلحة ومخططات ومستشارين الى قادة شيعة العراق؛ للقيام بالتآمر على الإمام علي وبث الخلاف بينه وبين معاوية؛ فكان الفرس المجوس وراء الخلاف بين سنة العراق وشيعته من جهة، وبين مسلمي العراق ومسلمي الشام من جهة أخرى؛ بهدف الإمعان في ضرب العروبة في الصميم.

وإستمر الشيعة وحلفاؤهم الفرس في تفريق المسلمين؛ حين عزلوا الحجاز أيضا عن ولايات المسلمين الأخرى، وسلّموها لعبد الله بن الزبير، وأعلنوه خليفة في مكة. وبهذا استطاع أتباع التشيع الفارسي من تمزيق الدولة الإسلامية؛ حين نصّبوا الإمام الحسن خليفة في الكوفة ومعاوية خليفة في دمشق وعبد الله بن الزبير خليفة في مكة.

3- قام زعماء الشيعة من أصحاب الإمام الحسن ( ع )؛ يتقدمهم أبو تمامة السيداوي وجابر الانصاري وابراهيم الاشتر؛ بإقناع معاوية والخوارج بالالتزام بفتوى جديدة لعبد الله بن عباس بقتل الإمام الحسن هذه المرة؛ وذلك في سنة 50 للهجرة. وبالغ زعماء الشيعة في إقناع زوجة الإمام الحسن جعدة بنت الخارجي الأشعث بن قيس؛ لتدس له السم. وهو مافعلته تحت الترغيب بالزواج من يزيد بن معاوية، وتحت الترهيب؛ بالسبي والذبح والسلخ على يد الشيعة. ثم قام الشيعة برمي نعش الإمام الحسن بالسهام والنبال، ومنعوا أهل السنة الغيارى من دفنه الى جوار مرقد جده الرسول ( ص).

إثر هذه الجرائم الإرهابية التكفيرية النكراء للشيعة؛ قامت قوات معاوية بالانتقام لدم الإمام الحسن، وقتلوا المئات من الشيعة وشتتوهم في البلدان. كما تبين لمعاوية إن مجموعة من التجار الفرس الشيعة المتضررين من سياسة الإمام الحسن الذي منع النفوذ الفارسي في العراق؛ قد دفعوا أموالاً طائلة لقادة شيعة العراق لقتل الإمام الحسن؛ بهدف غزو أسواق العراق بالبضاعة الفارسية، وإحتكار الإستثمارات فيه. وقد أصدر معاوية عدة بيانات يوبخ فيها شيعة العراق بسبب تأثرهم بالتشيع الفارسي؛ مشدداً على ضرورة الفرز بين التشيع العربي والتشيع الفارسي. وهذه نقطة إستراتيجية تسجّل لمعاوية؛ لأنه أول من حذّر من خطر التشيع الفارسي على الشيعة العرب.

4- قام ثلة من محدثي الشيعة وعلمائهم برئاسة حبر الأمة عبد الله بن عباس؛ خلال العقدين الخامس والسادس من القرن الأول الهجري؛ مستعينين ببعض الكهنة والحكماء الفرس واليهود؛ بوضع الأحاديث غير الصحيحة على رسول الله (ص) أو تحريف الصحيح من السنة النبوية؛ بهدف تسويغ سياسات معاوية وابنه يزيد، خلال فترة حكمهما؛ وتمرير مؤامراتهما ضد الإسلام، وتكفير المسلمين واتهامهم بالشرك، وإستحلال دمائهم وأعراضهم وأموالهم. وقامت هذه الثلة الشيعية العلمية والسياسية بالضغط على معاوية لقتل عدد كبير من صحابة الرسول؛ كحجر بن عدي وغيره، كما أجبرته على إعطاء ولاية العهد لإبنه يزيد. وبعد أن تسنى لزعماء الشيعة تنصيب يزيد بن معاوية سلطاناً على المسلمين عقب وفاة أبيه، وجعل الحكم الإسلامي ملكاً وراثية عضوضاً؛ قاموا بإجبار يزيد لإجتثاث جميع من يعارض سلوكه في قتل المسلمين

وشرب الخمر وممارسة الزنا واللعب بالنرد ( القمار) وإقامة مجالس الرقص والخلاعة وكل أنواع الفسق والفجور. وكان عملاء بقايا المخابرات الفارسية بالتنسيق مع زعماء الشيعة يغررون بيزيد للقيام بهذه السلوكيات الكافرة.

ثم استقدم هؤلاء الشيعة عدداً من المستشارين الفرس الشيعة والروم النصارى و اليهود، وفرضوهم على الخليفة يزيد كمستشارين له؛ فكانت نتيجة التآمر الشيعي الفارسي اليهودي الرومي على الإسلام؛ تهديد يزيد ودفعه بالقوة للقيام باستباحة المدينة المنورة وقتل صحابة الرسول وبني هاشم في ” واقعة الحرة “، واغتصاب نساء المدينة وسرقة ممتلكات أهلها.

ولم يكتف الشيعة بذلك؛ بل دفعوا يزيد للهجوم على مكة بجيش يقوده الحصين بن نمير؛ أحد عملاء الشيعة والمرتبط ببقايا المخابرات الفارسية المجوسية، ولقصف المسجد الحرام و الكعبة بالمنجنيق وتهديمهما. وفي الوقت نفسه؛ كان الشيعة يشكلون طابوراً خامساً في مكة، ويدفعون عبد الله بن الزبير للتمرد على الخليفة الشرعي يزيد؛ فكانوا بذلك يعمقون الخلافات بين مسلمي الشام ومسلمي الحجاز ومسلمي العراق؛ بأموال ومخططات وسلاح فارسي.