23 ديسمبر، 2024 11:43 ص

-1-
سعيدٌ مَنْ يعشق الكتاب .

انه الحبيب الذي يُتحف حبيبَه بالفوائد الجمّة ، والطرائف اللذيذة ، ويأخذ بيده الى مرافئ العزّة والكرامة ، ويرقى الى الآفاق العُلويّة …

-2-

واذا استثنينا كُتبَ الضلال ، التي حرّم الفقهاء اقتناءَها ، فان الكتب ما هي الاّ بساتين ذات ثمار شهيّة ، دانية القطوف …

ولقد ساءنا كثيراً أنْ نشهد موجةً من العزوف عنها هذه الأيام في العراق ، المبتلى (بداعش) وإجرامها وبألوان أخرى من الكيد تستهدف أمنه واستقراره لابل تستهدف انسانه وحضارته..!!

-3-

انّ هذه الموجة الطافحة لا تختص بالعراق، فالشكوى من فتور مبيعات الكتاب مسموعة للاسف ، في بلدان أخرى أيضا …

-4-

انّ الكتاب الالكتروني ليس بمقدوره ان يحدّث هذا الانكسار الكبير ، ولكنه –بالتاكيد- يُسهم في ذلك الفتور بدرجةٍ من الدرجات …

-5-

ومن الجميل أنْ ننقل هنا نصيْن عن الكتاب – ومن باب التشويق والتحريض على الاقبال على قراءته والافادة منه –

الاول : أورده الشيخ البهائي في كتابه (المخلاة) ص 40 -41 حيث قال:

الكتاب

نعم الأنيس في ساعة الوحدة ،

ونعم المعرفة ببلاد الغربة ،

ونعم القرين والدخيل ،

ونعم الوزير والدخيل ،

وعالم ملئ علماً ،

وَظَرْفٌ جني به طرفا ،

وأصفى بستان يُحمل في بُرْد ،

هل سمعتَ بشجرة تؤتي أُكلها لا تذوي ،

وزهرة لاتثوي ؟

وثمرة لا تفنى

ومَنْ لك بجليس به تدري الشيء وخلافه والجنس وضدّه ،

ينطلق عن الموتى ، ويترجم عن الأحياء .

وإنّ غضبتَ عليه لم يغضب ،

وان عربدتَ عليه لم يُجب ،

أكتم من الارض، وأتمّ من الريح، وألين من الهواء، وأخدعُ من المنى وأمنع من الضحى ، وأنطلق من سحبان وائل ، وأعيى من باقل

هل سمعتَ بمعلم واحدٍ تحلّى بحلل كثيرة وجمع أوصافاً غزيرة …

انْ وعظ أسمع ،

وإنْ ألهى أمتع ،

وإنْ أبلى أدمع ،

وإن ضرب أوجع ،

يفيدكَ ولا يستفيد منكَ

ويزيدك ولا يستزيدكَ

قبر الاسرار ، وحرز الودائع ،

قيد العلوم ، وينبوع الحكم ، ومعدن المكارم ومؤنس لاينام .

يفيدكَ علم الاولين ويخبرك عن كثير من أنباء الآخرين ،

هل سمعتَ في الأولين ؟

أو بلغك عن أحد من الآخرين ؟

من جمع هذه الأوصاف مع قلة مؤونتِه وخفة محله ؟

لا يرزؤك شيئا من دنياك ،

نعم الذخر والعقدة ، والشغل والحرفة ، جليسٌ لايضرّ بك ، ورفيق لا يمّلك ، يطيعك بالليل طاعته بالنهار، ويطيعك في السفر طاعته في الحضر، إن أدمتَ النظر اليه أطال إمتاعك ، ولطّف طبعائك ، وبسط لسانك وجوّد بنانك ، وفخم ألفاظك .

إن ألفتَهُ خلد على الايام ذكرك، وإنْ درستَه رَفَعَ في الخَلْق قَدْرَك ،وإن رفعتَه نوّه عندهم باسمك …

فأكرم به من صاحب …

والثاني :

أورده المسعودي في كتابه (مروج الذهب ومعادن الجوهر) ج2 ص54 حيث قال عن الكتاب :

(يوُصل به كلُّ كلام ،

ويتزينُ به في كل مقام ،

ويُتجمل به في كل مشهد ،

ويُحتاج اليه في كل مشهد …)

(وقد قالت الحكماء :

الكتاب نعم الجليس ،

ونعم الذخر ،

إنْ شئتَ ألهتك نوادِرُه ، وأضحكتك بوادِرُه ،

وإنْ شئت أشجتك مواعِظُه ،

وان شئتَ تعجبت من غرائب فوائده )

(وهو ميّت ينطق عن الموتى ،

ويترجم عن الأحياء ،

وهو مؤنس ينشط بنشاطك ، وينام بنومك ….

ولا نعلم جاراً أبرّ ،

ولا خليطا أنصف ،

ولا رفيقاً أطوع ،

ولا معلما أخضع ،

ولا صاحباً أظهر كفايةً وأقلّ خيانةً ، ولا أجدى نفعاً ،ولا أحمد أخلاقاً ، ولا أدوم سروراً … ، ولا أعجل مكافأة ولا أخف مؤونةً منه )

” تعرف منه في شهر مالا تأخذه من أفواه الرجال في دهر ،

وهو المعلم الذي لايجفوك ،

وإن قطعتَ عنه المائدة ، لم يقطع عنك الفائدة ،

وأخيراً :

” قد قال بعض الشعراء في مَنْ يجمع الكُتب ولا يعلم ما فيها :

زوامِلُ للأسفار لا علمَ عندهم

بِجَيدِّها إلاّ كعِلْمِ الأباعِرِ

لعمركَ ما يدري البعيرُ اذا غدا

بأحماله أو راح ما في الغرائِرِ “

أقول :

لقد شاع مؤخراً اقتناء ذوي الثراء للكتب، وابرازها في محلّ استقبالهم للناس، وكأنهم يريدون الايحاء لمن يزورهم :

انهم من هوادة المطالعة ، وممن شغفوا بحُبّ العلم ، وحازوا منهم ما حازوا ..!!

لقد كان العالم والاديب يشكوان من صعوبة حصولهما على الكتاب ، حتى قال المرحوم السيد جعفر الحلي – العالم الشاعر :

ملكتْ فكرتي بكارَ المعاني

والى الآن ما ملكتُ كتابا

فشتان بين الصورتين …!!!

*[email protected]