23 ديسمبر، 2024 9:02 ص

الكبوة ليست بنهاية للمطاف … وارادة الشعب فوق كل الاجتهادات ..!!

الكبوة ليست بنهاية للمطاف … وارادة الشعب فوق كل الاجتهادات ..!!

الكبوة في السياسة مسالة واردة ، ولكن بالرغم من كونها مؤلمة فهي تبيه بضرورة تجديد البرامج وتغيير في اسلوب مخاطبة الجماهير وتفعيل ارادتها بما يضمن التفافها حول الحزب أو القيادة  ،  وهذا يعني ان الكبوة لا تعني نهاية المطاف فالأحزاب السياسية  الكبيرة لابد ان تمر بمراحل صعبة ، وان لم تكن من احتمالاتها السياسية المتوقعة ، فالثقة الزائدة  بالنفس لها مخاطرها  خصوصا تمتلئ الساحة بخطابات سياسية وفكرية متعددة تحاول اصحابها كسب ثقة الشارع  من خلال طروحاتها التي تهيمن بها على عواطف الناس البسطاء ،  فالحديث الدائر في كوردستان عن نتائج الانتخابات البرلمانية  حديث ذو متعدد الآراء ، يراه البعض ويفسره على ضوء ما حصده حزبه من اصوات ناخبيه  التي وضعه على قائمة  الصدارة ، فيما يراه البعض الآخر ان تلك النتائج ما هي الا كارثة حقيقية ينبغي دراستها بعقلية جديدة تساعده على تشخيص الاسباب والعوامل التي سببت ان تفقد من بريقها السياسي ، وان تكون تلك النتائج عكس كل التوقعات …
بلا شك ان نتائج ما حصده  الاتحاد الوطني الكوردستاني  من اصوات في العملية الانتخابية للبرلمان الكوردستاني مبعث قلق كبير لدى قيادة هذا الحزب  ومؤازريه وانصاره باعتباره نتيجة لا تنسجم مع مكانة الحزب ودوره في بناء الارضية الصحيحة  لنجاح التجربة الكوردستانية في الاقليم التي تحظى باهتمام واحترام الدولي والاقليمي  ، لذلك نجد ان القاعدة الجماهيرية للحزب ومحبيه وانصاره اصطدمت  بالنتيجة غير المتوقعة  فراحت تبحث عن الاسباب بعفوية  ، وتلقي اللوم على العديد من اعضاء مكتبه السياسي البارزين باعتبارهم هم السبب الاول والأخير فيما آلت اليه اوضاع الحزب الداخلية نتيجة بروز ظاهرة التكتلات داخل الحزب ، وانشغالهم في امور شخصية التي لا علاقة لها بالحزب فيما يخص بتكوين الثروة ، وبناء مؤسسات استثمارية و شركات تدر بفوائدها المالية دون مسائلة ورقابة مما فتح الابواب امام المعارضة المتمثلة بحركة التغيير ان تثيرها بشكل يومي ومبرمج في اعلامها الهادف اصلا للوقوف بالضد من الحالة النهضوية للاتحاد الوطني وكبح جماحه الجماهيري الصاعد في كوردستان ، والمكانة المتميزة التي يحظى بها الحزب على المستوى الوطني والدولي والإقليمي الذي ارسى قواعدها المتينة مام جلال كأمين عام للحزب…..
لست بصدد توجيه التهمة الى احد ، ولكن ما تعلمناه في الحياة السياسية ان السكوت على الخطأ هو الخطأ بعينه  ، وعدم طرح البديل بروح ديمقراطية ، وافساح المجال للقاعدة ان تكون طرفا في بناء الافكار ذات الشأن بمسالة الاوضاع الداخلية للحزب ، وهذا بحد ذاته هي كارثة فكرية تعاني منها كل الاحزاب الكوردستانية التي تعمل خارج هذا الاطار، واسبابها معروفة للجميع حتى دون اثارتها ….
اذن ربما ان في القاء الضوء على الاسباب  التي جعلت من الاتحاد الوطني الكوردستاني ان يتراجع عدد مقاعده في البرلمان الكوردستاني فائدة كبيرة  لمعرفة بواطن الامور التي سببت  في ان ينقلب البعض من انصار الحزب ويدلي بصوته الى الاحزاب الاخرى ، في وقت وكوادرالحزب ومؤازريه في حيرة تامة من هذه النتائج  التي تغير بلا شك من موازين القوى داخل البرلمان الكوردستاني خصوصا قوة الاتحاد الوطني الذي كانت تتمثل في ثقل عدد المقاعد التي كان يشغلها  في الدورة السابقة  ، ما لفت انتباه هو القرار السريع لقيادة الحزب بخوض الانتخابات بقائمة مستقلة ،  تفاديا للانتقادات التي كانت تثيرها حركة التغيير متهمة  بها الاتحاد الوطني بالتبعية للحزب الديمقراطي الكوردستاني   ، و وفرت لها  المروجين على الساحة السياسية وخلقت ضجيجا مفتعلا بشأنها ، وزرعت شكا قاتلا بين انصار الحزب وقيادته  السياسية ، خصوصا حين شن زعيم الحركة نوشيروان مصطفى هجوما عنيفا على شخص مام جلال والطعن بمصداقيته للجماهير الكوردستانية ، والذي لم يسبق حتى للاخ مسعود البارزاني ان يشن هجوما بهذا المستوى على شخص مام جلال في ذروة الخلافات العميقة بين الحزبين وصراعهما التي وصلت في احليين كثيرة الى اصطدام مسلح خلفت اعدادا هائلة من الضحايا ،  وكان ذلك مؤشرا واضحا ان الهدف الحركة  كانت تتعمد لخلق فجوة بين الحزبين الكبيرين على مبدأ (فرق تسد) تمهيدا  لجعل الحركة منافسا قويا للحزبين كل على حدة ، وهذا يعني ببساطة الكلام ان الاتحاد الوطني الكوردستاني قد وقع في مكيدة حركة التغيير حين استسلم لتفاهات هذه الحركة وزوبعتها الاعلامية التي ارادت ان تمهد السبيل لخطأ استراتيجي لم يحسب الاتحاد حسابا دقيقا له ، وتناسى وهذا ما يدعو للأسف ان الخطابات المعلبة والجاهزة التي جاءت بها نوشيروان مصطفى فيما يتعلق بالبرلمان وتسمية رئاسة الاقليم قد احدثت شرخا في طبيعة علاقة الحزبين الاستراتيجية خصوصا فيما كان يتعلق بتمديد فترة ولاية رئيس الاقليم التي خلقت ازمة كبيرة في كوردستان التي حسمها الاتحاد بالتوافق على صيغة مشتركة بين الحزبين  ايمانا منه بضرورة تظافر الجهود لضمان الاستقرار في كوردستان ، والذي جعل من حركة التغيير ان تفقد صوابها  ، ومن ثم عدم الانجرار وراء العقد السياسية التي جاءت بها حركة التغيير لخلق الازمات لكي تمهد الطريق لنفسها المضي قدما نحو اهدافها المرسومة…
ومن هنا فان اهداف اللعبة  التي مارسها حركة التغيير بزعامة نوسيروان مصطفى ضد الاتحاد الوطني هي لعبة اعتمد عليها ليس كرها لأسرة البارزاني ، وانما لتمرير مخططه  الهادف لإلغاء الاتفاقية الاستراتيجية المبرمة بين الحزبين لكونها من اكبر العقبات التي  تحد من عمل الحركة بفاعلية اكبر ضد الحزبين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني اللذان اثبتا فعلا وممارسة نجاحهما في ادارة الاقليم ، وتثبيت معالم نهضته السياسية والثقافية والاجتماعية ، فضلا من حركة العمران النهضوية  الجارية على قدم وساق في ظل استقرار وسكينة  دائمة مقارنة مع الخروقات الامنية في جميع عموم العراق …..
لذا وبالرغم كل ما تمخضت عن الانتخابات من نتائج فأن الابواب مازالت مشرعة امام الاتحاد الوطني الكوردستاني للقيام بدوره التاريخي بالاستناد الى ما اكتسبه من خبرات وكفاءات في مجال ادارة الاقليم على اسس حضارية متمدنة ، ومكانته السياسية على المستويين الاقليمي والدولي التي يحظى بها ، وقدرته على قلب الموازين لسياسية  لصالحه في ظل علاقاته المتينة مع دول الجوار ، اضافة لإمكاناته المادية والبشرية التي تؤهله  ان يمارس دورا رياديا في ارساء دعائم النهضة الديمقراطية ، في وقت والمكتب السياسي للحزب قد اشار في بيانه فور اعلان النتائج الاولية للانتخابات عن تقديره البالغ لإرادة الشعب ، وضرورة قبولها ، والتي ناضل الحزب من اجلها سنينا طويلة  وهذا يعني ان الاتحاد الوطني الكوردستاني قد اثبت فعلا انه من الاحزاب الكبيرة التي لا يمكن لها ان تستسلم لمجرد انه اصبح ضحية التزوير والتلاعب بنتائج الانتخابات التي عملت حركة التغيير على ممارستها ظنا ، انها ستغلق الابواب امام نضال الاتحاد الوطني الكوردستاني متجاهلة وهذه هي مصيبة هذه الحركة ان الاتحاد اثبت مرارا وتكرارا انه الاقوى دوما في الشدائد ، ويجتازها وقد خرج منها سالما معافا دون ان يترك قدره بصمة ياس واحباط على قوته النضالية المستمدة من جماهيره الاوفياء …..