26 ديسمبر، 2024 4:37 م

الكاظمي و”كمين” الفصائل…

الكاظمي و”كمين” الفصائل…

مِن وصايا لقمان الحكيم لابنه، المشي بين الناس بالهدوء والتروي، دون تسرع او الابطاء، وهي وصية تشمل جميع نواحي الحياة وليس فقط في السير، إنَّما في التعامل وطريقة العمل، وهذه النصيحة او الوصية يحتاجها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في جميع تحركاته التي دائما ما تكون “مستعجلة” وبعيدة عن “الحسابات الدقيقة”، بسبب استشارات “خاطئة” يقدمها مقربون لا يجيدون سوى “الحصول” على الشهرة ومحاولة تضليل الكاظمي.
فما حصل ليلة الجمعة بعد اعتقال قوة مِن جهاز مكافحة الارهاب عناصر من كتائب حزب الله في قرية البوعيثة بمنطقة الدورة، جنوبي العاصمة بغداد، لم يكن بعيدا عن الاستشارات السابقة التي قدمت للكاظمي بحجة فرض “هيبة الدولة”، لكنها في حقيقتها كانت سياسية اكثر مِن عنوانها الامني والتي اثبتت بان رئيس الوزراء يحاول ايصال رسائل معينة لاحزاب “الاسلام السياسي” تتركز على التعامل بمبدأ المثل الذي يعتقده الكاظمي وفريقه، بان تلك الاحزاب تقود تحركات “خفية” للاطاحة به، فاراد مِن خلال تلك العملية استعراض “قوة” تابعة للدولة لاغراض خاصة، وليس كما يحاول ترويجه بان مواجهة “السلاح المنفلت” يبدأ مِن اعتقال مِن يتهمهم باطلاق الصواريخ على المنطقة الخضراء والاهداف الحكومية، وهو ماجعل النتيجة عكسية مِن خلال نزول المئات مِن عناصر كتائب حزب الله باسلحتهم وسياراتهم لوسط العاصمة بغداد والاكثر مِن ذلك اقتحامهم للمنطقة الخضراء “المحصنة”، لتسجل نقطة “فشل” اخرى تحسب على الكاظمي.
قد يقول العديد مِن القراء، بان الكاظمي اراد بهذه الحركة “استدراج” الفصائل المسلحة واخراجهم مِن مقارهم لكشف حجم تجاهلهم “للدولة والقوانين”، ابداً ياسادة ، فالعملية كشفت حجم رئيس الوزراء الحقيقي وعدم قدرته على المواجهة في الوقت الحالي، وخاصة ان المعتقلين نقلوا بعد دقائق الى مديرية امن الحشد التابعة لهيئة الحشد الشعبي، وهذا ما اكدته العمليات المشتركة حينما روت في بيانها تفاصيل عملية الاعتقال، لتبلغنا بان عناصر حزب الله نقلوا “لجهة امنية بحسب العائدية”، وعلى الرغم من محاولة “الفريق” الحكومي التشويش على تسليم جميع المعتقلين، لكن الحقيقة لا يمكن حجبها، ليكشف بعدها بانهم يتواجدون بمقر تابع لامن الحشد يقع في منطقة صدر القناة، شمالي شرق العاصمة بغداد، وهذا يعد بمثابة افراج مؤجل، سيعلن عنه لاحقا وقد يكون مِن داخل احد مقار كتائب حزب الله، لكنها ستسجل كبداية لتحركات سياسية تعمل على “رصد” سلسلة اخطاء الكاظمي، ومحاولاته لارضاء طرف خارجي على حساب اولويات المطالب الداخلية التي يدعو المتظاهرون بها لتنفيذها.
لكن، وبمراجعة بسيطة لتحركات رئيس الوزراء يمكنك ان تكتشف بانه يتوجه لمحاصرة تحالف الفتح الذي يضم الجهات السياسية التي تمثل الفصائل المسلحة، مِن خلال استهداف المناصب التي يمتلكها في الحكومة، فقبل ايام عقد الكاظمي اجتماعات منفردة مع وزراء كابينته وطالبهم باسماء جميع الوكلاء والمديرين العامين والجهات التي ينتمون اليها، لتظهر النتيجة بعد ساعات على عملية “البوعيثة” مِن خلال استبدال رئيس ديوان الوقف الشيعي ورئيس هيئة الاعلام والاتصالات ورئيس سلطة الطيران المدني ورئيس هيئة التقاعد، وفصل رئاسة مستشارية الامن الوطني عن جهاز الامني الوطني وانتزاعها مِن فالح الفياض، لتكون تلك التحركات دليلاً اخر بان ما يحصل مواجهة سياسية وليست عملية اصلاح حكومي، فالكاظمي يحاول ممارسة سياسة الاعطاء باليد باليمنى والأخذ باليسرى، وهي ذاتها استخدمها مع التيار الصدري حينما وافق على استمرار حميد الغزي بمنصب الامين العام لمجلس الوزراء، لكنه جاء بالقاضي رائد جوحي الذي اصدر مذكرة اعتقال بحق زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر بتهمة اغتيال السيد عبد المجيد الخوئي الذي قتل داخل مرقد الامام علي (ع) في مدينة النجف، كمدير لمكتبه.
الخلاصة… ان السيد الكاظمي كانت امامه فرصة كبيرة لكسب الدعم “الشعبي والجماهيري” لو تحرك لاعتقال قتلة المتظاهرين، فقضيتهم جاهزة ولاتحتاج سوى لامر مباشر مِن القائد العام للقوات المسلحة وبمقدمتهم الفريق جميل الشمري الصادرة بحقه مذكرة اعتقال مع بقية القيادات الامنية المتورطة بدماء شهداء تشرين، ليكون بعدها تحركه “لفرض هيبة الدولة” كما يدعي، شعبيا وليس حراكا فرديا للاستعراض باستشارة “غبية”، فكسب المعركة ياسيادة دولة رئيس الوزراء يحتاج لدعم شعبي بدلا مِن الانقسام في القضايا الرئيسة ومعالجة الازمات الداخلية… اخيرا… السؤال الذي لابد منه… مِن ورط الكاظمي بكمين الكتائب؟…

أحدث المقالات

أحدث المقالات