من الأسباب التي ساقتها مجلة الإيكونوميست الأسبوعية بتقريرها المشار اليه في الجزء السابق من المقال، لإنهيار العراق – حسب توقعاتها – والذي يحمل عنوان (Dark times ahead الأوقات المظلمة قادمة) هو إنتشار المليشيات المسلحة وانتشار السلاح خارج إطار القانون وخارج سيطرة القوى الأمنية.
الخبير الأمني هشام الهاشمي ذكر في برنامج تلفزيوني ان هناك ١١٧ فصيل مسلح بعدد منتسبين إجمالي يقدر بحوالي ٢٥٠ مليون منتسب كلهم يأخذون رواتبهم من الدولة ما يشكل عبئا على كاهل الموازنة خاصة بعد إنتهاء تهديد داعش، فضلا عن أن وجودها غير قانوني ومخالف للدستور الذي يحظر تكوين ميليشيات خارج إطار القوات المسلحة.
بعضها يبرر قانونية وجوده بقانون الحشد الشعبي، وأغلبها غير خاضعة لهيئة الحشد الشعبي، وهناك من يدعي ان تشكيلها جاء بفتوى من المرجعية الدينية التي افتت بالتطوع للجيش النظامي وقتها وليس بإيجاد كيان مستقل لها، ولذلك يتطلب التعاطي مع هذا الموضوع قبل كل شيء استصدار فتوى جديدة من المرجعية الدينية بضرورة التحاق كل منتسبي الحشد والمليشيات إلى فرق العمل التي أشرت إليها في الجزء السابق من المقال، لحاجة البلد إلى تسخير كل الطاقات من أجل البناء والإعمار بعد الخلاص من داعش. ويتم دمج منتسبي الحشد بموظفي الوزارات الفائضين عن حاجتها، وكذلك الخريجين الجدد من الشباب لتشكيل فرق عمل في كل محافظة لبناء مجمعات سكنية او شق الأنهار او استصلاح الأراضي الزراعية، فتكون هذه الأعداد منتجة بدل أن تكون عبئا اقتصاديا و أمنيا وإداريا على الدولة.
هناك تجارب عالمية ناجحة في تسخير القوات المسلحة لتسريع وتيرة العمل في مشاريع كبيرة وذات أهمية استراتيجية ، وأعداد الجيش وآلياته كبيرة جدا تغني عن كثير من العدة والعدد، والعراق بحاجة إلى تسخير كل الإمكانيات للخروج من الأزمة، فحجم المشاكل كبير، ونقص الخدمات كارثي، وكل ذلك لا يسمح بالتعاطي مع الوقت بترف كما فعلت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ ٢٠٠٥، نحتاج الى إجراءات وطرائق تفكير وعمل استثنائية للخروج من مشاكلنا المزمنة.
هناك من سيعترض على هذه الأفكار لأنه يعتاش على الفوضى وعلى نقص الخدمات وتسلب منه ميزة إستثمار الأزمات سياسيا. هؤلاء لا يستطيعون أن يؤسسوا لنظام، لأنهم ببساطة مؤسسوا الفوضى وجزء لا يتجزأ منها.
…. يتبع