نشرت مجلة الإيكونوميست الأسبوعية بتاريخ ١١ من الشهر الجاري تقريرا متشائما عن مستقبل العراق بعنوان (Dark times ahead الأوقات المظلمة قادمة) وتسمي ثلاثة أسباب ستفضي مجتمعة إلى تفكك العراق. وهي تفشي فايروس كورونا بالمقام الأول، وإنتشار المليشيات المسلحة وانتشار السلاح خارج إطار القانون والضائقة الإقتصادية بسبب تدني أسعار النفط الذي يمثل العمود الفقري لموازنة البلد.
وهي تطرح المشاكل أعلاه بطريقة الناظر إلى المشكلة من الخارج، وليس كمن يعيش وسطها فتغيب عنه بعض تفاصيلها، فهي تعتبر تحدي حظر التجوال في مدينة الصدر تحديدا وإقامة صلاة الجماعة والزيارات أسبابا يمكن أن تؤدي إلى تفشي الوباء بطريقة لا يمكن معها إيقافه في ظل انهيار القطاع الصحي وعدم التزام المواطنين بما تريده السلطات الحكومية.
لا أريد المضي في نقل ما ورد في التقرير، ولكن ما ذكر فيه يمثل تحديات حقيقية للمكلف بتشكيل الحكومة السيد مصطفى الكاظمي، بل يمثل تهديدا لوحدة وسلامة العراق على المدى الأبعد. ولذلك أضع ما اعتقده خطوات عمل سريعة لتجاوز كل ذلك أمام السيد الكاظمي عسى أن تسهم في تجاوز المرحلة الأصعب من تاريخ العراق.
أولا: استقطاع ٥٠٪ من رواتب الدرجات الخاصة من منصب مدير عام فما فوق، وكذلك النواب والرئاسات الثلاث ومخصصاتهم ووضعها في صندوق يسمى (صندوق الحالات الطارئة) يدار من قبل هيئة ترتبط برئيس مجلس الوزراء مباشرة، وتتخذ قرارات الصرف بأغلبية المصوتين في الهيئة التي يفضل أن تضم عدد من قادة المظاهرات وأعضاء بعض الإتحاد آت المهنية المتخصصة مثل نقابات المهندسين والأطباء والمحاسبين والمدققين.
ثانيا: يتم إنفاق المبالغ من الصندوق أعلاه حسب حراجة الحالات، ولابد أن تحظى مهمة مكافحة وباء كورونا بالأولوية القصوى، تليها مسألة تأمين رواتب الموظفين والقوات الأمنية والمتقاعدين.
ثالثا: إنشاء هيئة او دائرة من المتخصصين (المهندسين والمحاسبين والقانونيين) تسمى (هيئة/دائرة المتابعة والتحقق) لمتابعة المشاريع المتلكئة واسباب تلكؤها وكيفية معالجة الإخفاقات فيها وخاصة مشاريع المستشفيات والبنى التحتية، وكذلك أسباب تعطيل وتأخير منح إجازات الاستثمار ومعوقاتها ووضع المعالجات لكل حالة منها.
رابعا: إعادة النظر بهيكلية الهيئة الوطنية للإستثمار ودوائر الاستثمار في المحافظات ومنحها سقف زمني محدد بالأيام لمنح إجازات الاستثمار ووضع قانون يوضح ذلك وينص على ايقاع عقوبات بحق المتورطين في تعطيل منح الإجازات عن المدة المحددة بالقانون.
خامسا: إنشاء فرق عمل من الموظفين الفائضين عن حاجة وزاراتهم، وأبناء الحشد الشعبي والمليشيات وكذلك من الخريجين وتكليفهم بمهمات بناء مجمعات سكنية في محافظاتهم، وتقوم الحكومة بتجهيزهم بالمواد الأولية للمشاريع ويكونون هم القوى العاملة ما يقلل من كلف المشاريع إلى النصف ويوفر بيئة ساحبة للقوى العاملة، ويوفر شقق سكنية وبما يقلل من أزمة السكن ومصاعب فئة المتزوجين الجدد من الشباب.
سادسا: إصدار عفو عام عن السجناء لما يشكلوه من عبء اقتصادي وإداري على ميزانية الدولة وعلى أسرهم، خاصة في هذا الظرف الصحي الذي قد يهدد حياتهم، على أن يشمل العفو كافة أرباب الجنح دون اشتراط تنازل المشتكي الذي سيبقى محتفظا بحق إقامة دعوى مدنية لاستحصال حقوقه، ويشترط تنازل المشتكي فقط عن الجنايات مثل جرائم القتل والخطف والتسليب والإغتصاب.
سابعا: إعادة النظر بالقوانين كافة وتوحيدها بما يتناسب مع تطور الحياة وتغيير النظام إلى نظام ديمقراطي لا تتناسب معه قوانين شرعت زمن النظام الدكتاتوري السابق، وكذلك القوانين التي شرعت زمن سلطة الإئتلاف المؤقتة وبعض القوانين اللاحقة وبما لا يسمح بتداخل وتعارض القوانين الذي أصبح غطاءا للفساد.
ثامنا: تشريع قانون من أين لك هذا.
تاسعا:تشريع قانون تجريم الطائفية والخطاب والممارسة الطائفية والعنصرية.
عاشرا: العمل على إستعادة سيطرة الحكومة الاتحادية على المنافذ الحكومية البرية والبحرية والجوية (المطارات).
احد عشر: إعادة النظر بعقود جولات التراخيص لمافيه من غبن للعراق، وتنشيط الإستثمار في مجال تكرير النفط لما لهذا القطاع من مردودات اقتصادية هائلة.
هذه أهم النقاط التي أعتقد إنها ستسهم في الحفاظ على العراق وتجاوز ازماته الكبيرة التي لو تركت تعالج بالأسلوب المتبع حاليا فإن (أوقاتا حالكة جدا أمامنا).