22 ديسمبر، 2024 8:17 م

الكاظمي بين السيناريوين والانتفاضة

الكاظمي بين السيناريوين والانتفاضة

في الوقت الذي تشظت حكومة المجرم عادل عبد المهدي على صخرة انتفاضة أكتوبر، يصل الكاظمي رئيس جهاز المخابرات المتورط مع بقية الأجهزة الامنية لحد النخاع بدماء المتظاهرين، ونؤكد القول بأنه وصل على أكتاف الانتفاضة.
إن سيناريو وصول الكاظمي إلى رئاسة الوزراء هو نفس السيناريو الذي توج فيه حيدر العبادي عام 2014 عندما اجتاح داعش ثلث مساحة العراق مع تسليم المالكي الخزينة المالية فارغة. وفي كلا السيناريوهين يتراجع النفوذ الإيراني خطوة إلى الوراء في العراق، مقابل تقدم النفوذ الأمريكي خطوتين إلى الأمام، مع فارق واحد هو ان وضع الجمهورية الإسلامية في إيران اليوم هو الأسوأ منذ انتهاء الحرب العراقية – الإيرانية. فالحصار الاقتصادي الأمريكي عليها وقتل سليماني قائد فيلق القدس في مطار بغداد وانحسار النفوذ الاجتماعي لها في المنطقة وخاصة في لبنان والعراق على اثر ضربات الانتفاضتين في البلدين وتفشي وباء كورونا وانخفاض أسعار النفط، كلها عوامل دفعت أجندة الحرس الثوري بالقبول على مضض بتمرير الكاظمي وكابينته التي تفوح منها رائحة الفساد على اثر المحاصصة. ولم يصبر وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو لإخفاء سروره ولو لساعات قليلة حتى أعلن انه أعفى العراق لمدة ١٢٠ يوماً من العقوبات المفروضة على إيران لغرض استيراد الغاز ودعمه لأجندة الكاظمي، وجاء متزامنا معه إعلان السفير البريطاني والكندي عن دعمهما لحكومة الكاظمي.
العنوان العريض الذي جاء به الكاظمي هو “سيادة العراق” وحصر “السلاح بيد الدولة” وهي الأغنية التي تطرب مسامع الإدارة الأمريكية التي تعني؛ ضرب ما أوتي من قوة للمليشيات والنفوذ الإيراني في العراق. وأما محاسبة قتلة المتظاهرين فور تسلمه أو تمرير كابينته هو الشعار الذي سيختبئ تحته لضرب المليشيات التي تسمى بالولائية، وكانت قد قصفت بثلاثة صواريخ مطار بغداد عشية التتويج. وأن جميع الإطراف الموالية لإيران في العراق ونفس قادة قم – طهران يدركون ان ما تحمله الأيام القادمة لها، ليس خيرا عليها، وان كل ما سعت إليه وتحت يافطة “المقاومة والممانعة” و”الشيطان الأكبر” المشروع الجهنمي للبرجوازية الإيرانية، برجوازية بازار طهران والذي يقودها الحرس الثوري بدأت تتقوض، وان الجولة التي ربحتها بتعويم مجرم مثل عبد المهدي تخسرها اليوم لصالح أمريكا. ولا ينحصر تراجع هذا النفوذ في العراق وحده، بل يتعدى ليصل إلى سورية التي تتواطأ فيها روسيا مع إسرائيل وتغض الطرف عن الهجمات الصاروخية والجوية على معسكرات ومختبرات الحرس الثوري فيها.
القوى المحلية العراقية من أمثال تحالف فتح، وخاصة الصقور منها، ولا نقصد الصقور بالمبدئيين هنا، بل نقصد أولئك الذين يعرفون دائما من أين تؤكل الكتف وخاصة رئيسه العامري، هو من وقف وراء إقناع الإطراف الأخرى من المليشيات بالقبول بالكاظمي كي ينقذ ما يمكن إنقاذه من نفوذ وامتيازات وسلطة بعد وعيها بالعوامل المذكورة التي تحيط بإيران وأنه من الممكن أن يُسحب البساط من تحت أقدامها.
إن ما جاء قبل أيام من إعلان تأسيس ما يسمى بـ (جيش المقاومة الإسلامية) المسوق إلينا تحت تسمية (جسم) وهو مليشيا جديدة تشكلت من عناصر النخبة في مليشيات العصائب والنجباء وحزب الله…الخ هو ورقة جديدة لمشروع الحرس الثوري في العراق كي يستطيع الحفاظ على نفوذه وهيمنته السياسية والاقتصادية في العراق. وفي نفس الوقت هو رسالة واضحة لحكومة الكاظمي بأنه لن يقف مكتوف الأيدي تجاه التفكير بضرب مليشيات (المقاومة) المنضوية تحت ستار “الحشد الشعبي”. وبالمقابل أن تمرد أربعة فصائل مليشياوية تابعة للمرجعية ليس إلا إعلان بشكل غير مباشر عن حل الحشد الشعبي أو هيكلته أو تقويض نفوذه وتمدده العسكري وتطاولاته، أو رفع الغطاء الرسمي عن الفصائل المتجمعة في تحالف فتح، وقد جاء الانشقاق المذكور ضمنا كبرقية تهنئة وتضامن مع الكاظمي وحكومته عشية تمريرهما.
بالنسبة لنا، الشيوعيين والتحرريون، العمال والموظفين، الكادحين والعاطلين عن العمل، النساء التواقات للحرية والمساواة، الشباب الذين يطحنهم العوز والبطالة والذين ضحوا بأنفسهم في الانتفاضة ما يقارب أكثر من ٧٠٠ منهم وعشرات ألاف من الجرحى، فكما أعلنا في بياننا حول ترشيح الكاظمي لرئاسة الوزراء، فإننا نكررها بأنه مرشح قتلة المتظاهرين وأياً كانت اليافطة التي جاء تحتها، وان من يأتي من رحم العملية السياسية وبصفقة علنية مفضوحة عبر المحاصصة، ومتوج بأكاليل الزهور وضعها بومبيو على رقبته، فأنه لن تكون حكومته أفضل من حكومة العبادي ولا نقل عبد المهدي، لأنه ببساطة هو نتاج العملية السياسية التي بنيت على أساس المحاصصة، بنيت على أساس دعامتين وهما الجمهورية الإسلامية في إيران والاحتلال الأمريكي، وليس في أجندتها سواء الجعجعة والجمل الإنشائية. فكما العبادي الذي خرج علينا قبل أيام في برنامج لعبة الكراسي” وهو يقول (ان حكومة عبد المهدي فاسدة وكان هناك قتل مبرمج للمتظاهرين)، وكأن الجماهير لديها ذاكرة السمكة، وأنها نست انه هو من فرض سياسة التقشف على المجتمع، وقمع تظاهرات البصرة بعد ان كذب وبصفاقة بأنه سيعين عشرة ألاف من العاطلين عن العمل، ليجدوا في اليوم الثاني طلباتهم بأكوام النفايات بينما قواته نزلت لقتل المتظاهرين في ٢٠١٨، وفتح أبواب العراق على مصراعيها لمشاريع المؤسسات المالية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. ان الكاظمي سيسير ويمشي على خطاه (عديله) العبادي.