12 أبريل، 2024 5:47 ص
Search
Close this search box.

الكادحون… بين مطرقة الحكومات وسندان كورونا

Facebook
Twitter
LinkedIn

لقد أجاد الإمام علي بن أبي طالب “ع” خليفة المسلمين الرابع ، في تصنيف الناس إلى صنفين” اما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق” وكم كان بليغاً ومختصراً وجزلاً في هذا الوصف الدقيق ولسنا في محل الخوض بأعماله أو أفكاره ، لأنها تُثير حساسية البعض مع الأسف، فهو أول من اسس لمذهب إذابة الفوارق والطبقية بين بنو البشر داعياً إلى أن تسود العدالة الاجتماعية في المجتمع منذ أكثر من ١٤٤١ سنة مضت ومتنباً بخطورة فساد الحاكم وهلاك الرعية! . وما قصة النصراني مع الإمام إلا أنموذجاً للإنسانية والعدالة الاجتماعية.
فكان الإمام “ع” في شوارع الكوفة، فمر بشخص يتكفف وهو شيخ كبير السن، فوقف “ع” متعجباً سائلاً صحبة غضباناً منهم وقال: ما هذا؟ ولم يقل من هذا، و(ما) لما لا يعقل، و(من) لمن يعقل، أي انه رأى شيئاً عجباً يستحق أن يتعجب منه، فقال أي شيء هذا؟
قالوا: يا أمير المؤمنين إنه نصراني قد كبر وعجز ويتكفّف. وقال مقولته الشهيرة (ما أنصفتموه.. استعملتموه حتى إذا كبر وعجز تركتموه، اجروا له من بيت المال راتباً)
وعندما كان شاباً استعملتموه وما ان هرم تركتموه ويَحكم من غضب الله لقد أفنى حياته لبناء دولتنا وعندما هرم تركتموة ) فأمر له براتب من بيت المال وكان أول من اسس الراتب التقاعدي آنذاك .
لطالما كانت المنظمات والمؤسسات التي تُعنى بحقوق الإنسان في الدول المتحضرة تتبنى هذه الافكار وان كانت على غير مذهب علي بن أبي طالب” ع” وكانت توجه رسالات تحذير إلى كل حكومات العالم بأختلاف لغاتها وأيدولوجيتها على ضرورة أن تعم العدالة الاجتماعية والتي هي اللبنة الأساسية لبناء ورقى أي مجتمع وتدعو إلى تقسيم الثروات على مواطنيها ولكن من المؤسف أنها لا تجد أذان صاغية حتى عند بعض الدول المتحضرة وتعتبر هذه التصريحات مسيئة لتلك الحكومات لابل تعتبرها تدخلاً صارخاً في شؤون مواطنيها والنتيجة بات العالم يعيش في غياب تام للعدالة الاجتماعية رغم التقدم العلمي واعتماد نظريات علمية تؤكد على ضرورة بناء المجتمع بناء صحيحاً لان ذلك يؤثر على سلوك الفرد في المستقبل، لكن دون جدوى، الأمر الذي أدى إلى تأخر في خطط التنمية التي هي عماد بناء أي دولة فضلاً عن بروز الطبقية المجتمعية التي تُنتج الفقر والحرمان عند البعض يقابلها ظهور البرجوازية عند طبقات معينة وهذا أمر طبيعي لان التقسيم غير عادل واذا كان هذا هو سمة العصر فان ظروف اليوم مع ظهور جائحة كورونا زادت الطين بلة وعقدت المشهد كثيراً وأضافت ثقلاً كبيراً يُضاف على ما هو موجود اصلاً ووضعت الحكومات في وضع محرج للغاية بعدما شلت الحياة بشكل كامل وتعطل كل شي فلا نفط يباع ولا محصولا يُجنى ولا مصنع يدور بعدما توقفت عجلة الزمن أمام هذا الخطر الكبير لذلك فإن الحكومات تبحث عن مخرج وهذا لا يكون إلا بالانتقام من الطبقات الدنيا فهم الحلقة الأضعف دائماً وفى كل الحسابات وهذا ما عمدت علية الحكومة في العراق من اتخاذها قرارات جميعها ضد الموظفين والعمال الكادحين ولم تمس الطبقات الارستقراطية ، وتصب جام غضبها على الفقراء منهم الذين لا يفكرون إلا بقوت يومهم
وأصبحوا اليوم بين نارين الفقر و الموت من الجوع أو الموت في الجائحة وبالتالي فهم لا يبالون أن وقعوا على الموت أو وقع عليهم الموت دون اختيارهم لان النتيجة هي واحدة ولكنهم اختاروا أن يواجهوا الجائحة لتفكيرهم بانها قد تكون ارحم من مواجهتهم الحكومات التي لا تبالي باستخدام القوة المفرطة التي تمنع المواطنون من المطالبة بحقوقهم وان كانت الصورة أصدق في دول العالم الثالث وتكاد تنعدم في الدول الغربية لوجود معارضة ومنظمات فعالة ودساتير ضامنة ورأي عام متحرك وفعّال على عكس دول أخرى لا تعترف بكل شيء إلا بنفسها لأنها خارج المعايير الدولية الاخلاقية لابل أنها اصلاً لا تستمع لأي نداء، فقط يتذكرهم قادة المنظمات الإنسانية أثناء إعداد الدراسات عن مستوى الفقر والأمية والتخلف في بلداً ما، ويصبح الفقراء و الكادحون مجرد رسومات توضع على الخارطة وارقام بلا شعور، إنها الحقيقة التي لا تريد أن تسمعها بعض الدول مع الأسف متناسين بأن هولاء الفقراء الكَادحون هم أيقوَنة المجتمع فهم النواة لكل الثورات ومن خلالهم تخلدت اجيال ووصلت دول ما إلى المراتب الُعليا…

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب