(محاولة توصيف )
في مجتمعات الاستبداد والخذلان الحضاري
تتحول الأحزاب السياسية الى معامل لإنتاج الكائنات الحزبية وليس السياسيين لأن السياسي هو من يجيد التواصل مع المختلفين أو تخفيف حدة الخلاف معهم مستثمراً ذلك لصالح الفكرة التي يتبناها،
أما في المجتمع الذي تغيب عنه سلطة القانون حيث تتكرس ثقافة الاستبداد بمرور الزمن، فإن مهمة الكائن الحزبي تتجسد في دحر فكرة الآخر ومصادرة حقه في الإختلاف.
وعندما تتأمل خلفيات الأحداث وسياقاتها، تجد أن الأحزاب الإيديولوجية الدينية والدنيوية، أي أحزاب الاستبداد تكره منتسبيها، تكره كائناتها الحزبية فتحولهم إلى مخالب مهمتها نهش الآخرين أو تشويه سمعتهم ..
وهذا العمل سيؤدي الى تلوث عقل ومشاعر الكائن الحزبي ولن يستطيع العودة لسويته الإنسانية بسهولة،
وبالتدريج سيصبح فاقداً القدرة على محبة الآخرين،
ولاحقا سيصبح كارها لنفسه .. هذه ربما هي الخلفية التي تؤدي لتحول الكائن الحزبي إلى شخص عديم الضمير، أي جلواز
لا يتوانى عن تنفيذ الأوامر مهما كانت قاسية،
بما في ذلك حمل العصا وملاحقة متظاهرين عزل لضربهم
وتشتيت صفوفهم، أي منعهم من المطالبة بحقوقهم،
هذه هي مهمة الكائنات الحزبية منزوعة المشاعر والضمير
وهذا ما يؤكد أن قيادات أحزاب الاستبداد في السلطة أو المعارضة
لا تحب منتسبيها ولا تدافع عن انسانيتهم
إنما تستعملهم استعمالاً
جاعلة منهم كائنات تحت الطلب تتلذذ بكراهية الآخرين
مستغرقةً بدونيتها وانعدام ضميرها،
لأن أحزاب الأزمة لا تبحث عن حلول بل عن (انتصارات ) إذ أن هدفها
هو سحق الآخرين وتشتيت شملهم !!
ولهذه المهمة تتم تعبئة الكائنات الحزبية ليُرمى بها إلى التهلكة،
وحين يقتل الكائن الحزبي تسميه شهيداً !! إمعانا منها بتشويه الحقائق،
لأن تشويه الحقائق يبدأ من تشويه الكلمات، أي تشويه اللغة،
وهذا هو أساس الثقافة المشوهة التي تتحكم باحزابنا
بمختلف توجهاتها الأيديولوجية أو العقائدية ومن هنا تنشأ مقولة أو ظاهرة مجتمع الاستبداد حيث الكل يعارض الكل