11 أبريل، 2024 11:43 م
Search
Close this search box.

القوي يحكمنا وليس القانون!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

جدنا حمورابي وضع القوانين لكي ينتصر على النوازع الغابية المطمورة في النفس البشرية , وأراد أن يكون الحكم بالقانون ليقضيَ على مفهوم وسلوك الحكم للأقوى , ولذلك وضع في مسلته الموسوعية الأصيلة مجموعة من الضوابط والقواعد والمعايير , التي يتوجب العمل بموجبها لكي يسود العدل ويرتقي البشر إلى جوهر إنسانيته , ويمتلك الفرصة للتعبير عن قدرات الخير فيه , لأن البشر ينزع إلى إطلاق الشرور لأنها أسهل وأسرع وذات طاقة أكبر.
وبعد أن دارت القرون والسنون بمئاتها وآلافها , تجدنا في المكان الذي إنطلق منه القانون نقتل القانون ونرفع رايات القوي يحكمنا , وله الحق المطلق بالتصرف بحقوقنا وممتلكاتنا ومصادرة ثرواتنا , ولا نستطيع فعل شيئ سوى أن نتبجح بكلمة “فساد” , التي لا تعني شيئا سوى مزيدا من النهب والسلب والإستهتار بحقوق المواطنين , بل وصف الشخص بأنه فاسد تبدو وكأنها تعبير عن شجاعته وقوته وكونه فوق القانون بل هو أبو القوانين , فينال هيبة ومكانة متوجا بفساده المؤزر من عمائم المرائين بدين.
وأوجدنا أقوياء بإرادتنا المسلوبة وعقولنا المعطوبة , وتبعيتنا المرهوبة , وخنوعنا للمتاجرين بوجودنا , وبإستلطافنا للظلم والقهر والحرمان , وسكوتنا على الضيم والإذلال المبرمج الذي فتك بكل بشر إنسان.
فنحن في قرارة أنفسنا نريد القوي أن يحكمنا وليس القانون , لأننا عززنا هذا السلوك ووفرنا له المسوغات الكافية لتطويره وإستفحاله , وتحوّله إلى قيمة إجتماعية ودينية تستحق التقدير والتكبير , وبهذا فنحن وبلا إستثناء فاسدون , وشبيه الشيئ منجذب إليه , ولذلك إنتخبناهم مرارا وتكرارا وما تعبنا من الوجوه الكالحة التي يتطاير الشرر منها , والمتمرغة بالفساد والخطايا والآثام , وهي تتعبد في الكراسي وتجيد تصنيع المآسي والويلات المروعة.
فلماذا نتظلم ونتأفأف ونتظاهر , ولو أعيدت الكرة لإنتخبناهم جميعا وبلا إستثناء , بل ولأعطينا سيد فسادهم وطائفيتهم أعلى الأصوات , فهل يمكننا أن نثبت غير ذلك وقد ساهمنا بتكرار ذات المأساة لمرات ثلاث وأكثر , مما يشير إلى أننا نريد الذي يمتهننا ويذلنا ويقهرنا , ولا نريد الذي يحترم إنسانيتنا ويقدر دورنا في الحياة.
تلك حقيقة مأساوية تعصف في أروقة أعماقنا , تؤهلنا لإستحضار رموزها والمعبرين عنها بوقاحة وإستهتار مبين.
فهل من عمل يشاكس ما تقدم؟!
وهل منّا مَن يحترم قانون؟!!
وهل هذا دليل على أن شريعة الغاب هي ديننا ومذهبنا؟!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب