الدولة كما هو معلوم هي مجموعة من المؤسسات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والقضائية ذات علاقات منظمة ومترابطة تجمعها خدمة الوطن وأفراد مجتمعه ؛ هذا المفهوم للأسف قد غاب عن الدولة العراقية منذ سيطرة البعث وحتى يوم سقوطه في 2003، فقد كان العراقيون يتطلعون لرؤية نواة حقيقية لتأسيس الدولة المنشودة لكنهم للأسف تفاجأوا بعدم وجود رغبة حقيقة لدى بعض الأطراف السياسية الجديدة في تأسيسها، وهذا ما انعكس سلبا على التجربة العراقية الجديدة التي كنا كعراقيين نتطلع لولادتها بعد مخاض عسير وتضحيات جسام قدمها هذا الشعب المظلوم في مواجهة الأنظمة القمعية التي عاثت في ارض العراق فسادا وجرته الى متاهات ادت بالنهاية الى ضياع الدولة.الجيش العراقي تعرض الى إنتكاسات شديدة بسبب عدم وجود رغبة حقيقية لتأسيسه على أسس وطنية مبنية وفق رؤى مهنية بعيدة عن الولاءات الفئوية الأخرى لذلك حلت به كارثة سقوط الموصل المدوية.بعد تلك الحادثة إستطاع الجيش ان ينفض الغبار عنه ويعيد زمام المبادرة واستطاع ان يحقق انجازات عظيمة على حساب عصابات داعش الإجرامية وتمكن من استعادة المحافظات المحتلة وهذا ما يعترف به حتى اعداء العراق؛ وما كان لهذه الإنتصارات أن تتحقق لولا الإبتعاد عن الميول السياسية لهذا السياسي أو ذاك ولهذا المسؤول أو ذاك؛ على جيشنا أن يعرف جيدا ان الولاءات السياسية عندما تدخل على اي موضوع فانها ستسهم في إفشاله وتخريبه الا الولاء للدولة وللوطن فهو باق وينتصر بالنهاية.هناك عدة مؤشرات على ان القوى الامنية بكافة تسمياتها هي الان تساهم في رسم ملامح الدولة بعد فشل بعض الساسة في تحقيق هذا الهدف المنشود شعبياً، فحين يستبدل القائد العام للقوات المسلحة ويبقى الجيش مستمرا في معاركه مع الارهاب ومن دون ان يتأثر بخبر الإستبدال فهذا مؤشر ايجابي على ان نواة الدولة بدأت بالتشكيل؛ وحين تسمع القوات الامنية ان هنالك محاولات لاستبدال قائدها العام الحالي ولم تتأثر فهذا مؤشر آخر على ان قواتنا بدأت برسم ملامح الدولة وان ولاءاتها لم تتأثر بوجود قائدها من عدمه؛ هذه المؤشرات الإيجابية التي رسمتها قواتنا الأمنية هي مطالب العراقيين جميعا وهي المؤشرات التي ساهمت في رقي وتطور البلدان التي نراها مزدهرة ومتقدمة؛ فتلك الدول لم تنجح الا حينما ابتعدت عن الولاءات الشخصية وسارت بمسار مؤسسات الدولة الرصينة اللامنتمية لاي تسميات اخرى؛ فهنيئا لقواتنا الأمنية هذه الإنتصارات وهذه الملاحم التي تزفها للشعب العراقي بعد أن كاد من الوصول الى مرحلة اليأس لأنه لم ير في السابق ان نورا في نهاية النفق وها هو النور بدأ بالتوهج بهمة غيارى العراقيين جميعا .