20 مايو، 2024 11:16 م
Search
Close this search box.

القوة الناعمة .. والحرب بالوكالة

Facebook
Twitter
LinkedIn

لا شك أن السياسة أصبحت تتغلغل في الكثير من مناحي حياتنا اليومية ، وأصبحت تشغل حيزاً ليس بالهين في نطاق متابعتنا لمجريات الاحداث وما يثار بشأنها من مواقف واتجاهات في المجتمع ، ومنها التهديدات التي تتعرض لها المنطقة ، لا سيما سوريا ، او الازمات التي باتت سمة عصرنا ، سياسية كانت ام اقتصادية ، حتى ان بعضها اصبح خارج التوقعات ، تبعاً لظرف التوازنات الدولية ومنطق فرض القوة او التفاوض .
ومما لا يخفى على احد ، فأن المخططات الامبريالية التوسعية على المنطقة القائمة على الفتن المصنوعة والمحبوكة او المفبركة ، ما انفكت تنفث سمومها ، بشكل مضطرد منذ انتهاء الحرب الباردة ، بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق .
فقد اوجد اثنان من العاملين على تنظير السياسية الامريكية الخارجية ، خصوصا تجاه الشرق الاوسط ، وهما جين شارب وجوزيف ناي مصطلح “القوى الناعمة” ،  الذي يقول عنه الاخير في كتابه (Soft Power) : ((ان القوى الناعمة وسيلة النجاح في السياسة الدولية )) ، اذ ميز بين التأثير غير المباشر للعوامل الثقافية ، والايدولوجية ، ومنظمومة القيم في سلوك الاخرين ، وبين وسائل القوة العسكرية ( الصلبة ) لتحقيق التفوق التنافسي على حكم العالم أو الأقطاب، عن طريق الثقافة والفن والاعلام والفكر النخبوي كأداة فعالة لتحقيق مصالح الدولة بدلا من استخدام القوة العسكرية وسياسات عفى عليها الزمن والتي اثارت حفيظة الرأي العام العالمي بالحروب ، والحصار الاقتصادي ، وتهدف ايضاً ، بالنسبة للولايات المتحدة ، الى السيطرة على موارد العالم والشرق تحديداً ، لفرض السيطرة الاحادية وتعزيز الوجود الصهيوني في المنطقة وتأمينه .
وموارد القوى الناعمة للدولة – بحسب ناي – هي الثقافة والسياسة الخارجية ، والكثافة السكانية ، والموارد الطبيعية ، والاقتصاد ، والحالة السياسية .
واذا نظرنا الى الازمة السورية ، وفق هذه الرؤية الصهيوامريكية ، فنجد ان القوى الناعمة عملت على تفجير المجتمع من الداخل وخلقت نقاط خلاف بين مكونات المجتمع وحولته الى “فوضى خلاقة” (‫Creative chaos) ،لتدمير الدولة الوطنية ، في مخطط لمصادرة القرار الوطني ونهب الثروات ، عن طريق الدسائس والمؤامرات وتدريب المرتزقة وارسالهم الى سوريا ، لا سيما الارهابيين من “القاعدة والنصرة” ليحاربوا بالنيابة عن الامريكان او ما يعرف بـ ” الحرب بالوكالة “( Proxy war) ، وهي اقل تكلفة بكثير من تحريك الجيوش وارسال البوارج الحربية والطائرت ، كما لا يكلفها خسائر بشرية .
ولتتضح الصورة اكثر ، فقد كشف احد المواقع الصهيونية تفاصيل خطة معاون وزير الخارجية الأمريكي (انذاك) جيفري فيلتمان التي وضعها عام ‏‏2008، للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، وتحويل سوريا إلى العصر الحجري ، ومما يفقد العقل صوابه ويخرجه من اتزانه ، فان فيلتمان هذا يشغل الان منصب نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية .
من جانب اخر فقد مهدت الولايات المتحدة لدخول المنطقة فى حروب بالوكالة ، تصرف وتمول وترعى وتتابع عن قرب ما يحدث كثورات الربيع العربي بالتضحية بحكام كانوا أكثر ولاء لها ، ولكنها تريد تدميرا لامساومة ، تريد القضاء على العروبة وتفكيك المنطقة بالفكرة الشرق أوسطية .
يقول مايلز كوبلاند في كتابه “لعبة الامم” (The Game of Nations) ، وهو ضابط مخابرات امريكي سابق ، (( ان القرار الخاص بالشيء الذي سينجزه برنامج جديد – على وجه الدقة – هو شيء محدد لغاياتنا الفعلية في الشرق الاوسط مع اعتبار الدرجة التي من الممكن ان يحدث معها صراع فيما يتصل بغاياتنا )).
فما احوجنا اليوم الى الوحدة لمجابهة مخططات الطامعين والحاقدين ، وحقن الدم المسلم في كل بلاد العرب ووقف استنزاف ثرواتنا ، بعد ان اصبح اليوم كل عربي هدفاً لا بد من القضاء عليه . 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب