ثمة مقاييس كثيرة تقاس بها درجة حالة المجتمع فالبعض يعتبر ان وضع المرأة في المجتمع يدل على درجة تقدم او تاخر المجتمع ، بعض اخر يعتقد ان درجة نظافة بيوت الراحة هو الدليل الواضح على درجة رقي المجتمع ..الى آخره من الاراء.
انا لي راي اخر ( متميز ) اذ اعتبر ان اوضاع القوادين في اي بلد ( نوعية عملهم ، عددهم ،(اخلاقهم) ، وضعهم الطبقي ، مدى سيطرتهم على البلد ومدى سطوتهم على الناس ،نظرة الناس اليهم ، نظرتهم الى الناس ) كل هذه الامور التي تخص اوضاع القوادين في اي بلد تشير بوضوح الى اوضاع ذلك البلد .ان اوضاع القوادين في اي بلد تتناسب مع صحة المجتمع تناسبا عكسيا ، فاذا تحسن وضع القوادين تدهور وضع البلد واذا تدهور وضع القوادين وقل شانهم تحسن وضع البلد وعلى شانه.
في العراق الملكي ( قبل عصر الثورات وحكم العسكر وقبل الصحوة الاسلامية ) كان عدد القوادين قليلا وان اغلبهم اميين او ان تعليمهم محدود ويعيشون محاصرين في مناطق محددة في اغلب الاحيان ويحتقرهم الناس، ورغم مايدره عليهم عملهم من ( رزق وفير ) الا انهم لايتميزون بالثراء ( الله مطير بركتهم ) وهم ورغم وقاحتهم وقلة حيائهم الا انهم يشعرون بالنقص لذا تراهم يجهدون انفسهم بابراز( حسن اخلاقهم) للتعويض عن نقصهم ، واغلبكم سمع بحكاية أيام زمان عن ذلك القوّاد ( الشريف ) الذي كان يركب سيارة اجرة ( نفرات ) وكان يجلس في مقدمة السيارة وصادف ان( اشّرت) نسوة الى السائق يطلبن الركوب في السيارة .. باشر السائق بتخفيف سرعته من اجل التوقف لاركاب النسوة فقال له القواد : لاتتوقف اني ساعطيك اجرة النسوة وفعلا نقد السائق المبلغ المطلوب فقال له السائق لماذا فعلت ذلك ( يااخا العرب ) فاجابه القواد قائلا : اني قوّاد مشهور وعندما يرى الناس تلك النسوة معي فسيظنون بهن السوء )… قوّادوا الامس لديهم بعض الغيرة ،كما انهم لايستطيعون التحرش ( ببنات الاوادم ) خوفا من غضب الناس ( لان ناس ايام زمان كانت لديهم غيرة ) ، والقوادون انذاك لايملكون قوة او سلطة تمكنهم من اسقاط ذوات الشرف والعفاف لذا فهم يلتقطون اغلب ضحاياهم من بين النساء الهاربات من ذويهن لاسباب معروفة في المجتمع العراقي انذاك.
قوّادوا الامس متخصصون فقط بقيادة طالبي اللذه ولايقودون الناس الى شيء اخر..
اما قوادو الزمن الحاضر فلهم شأن اخر. فهم ينتشرون في كل مكان ، وعدد كبير منهم يحملون شهادات معتبرة ( حتى ولو كانت مزورة ) ، ويشغلون وظائف راقية، ويتميزون بالثراء الفاحش ، وموقعهم الاجتماعي مميز، وبيوتهم من اغلى البيوت ، وسياراتهم من احسن الانواع واحدثها ، ويكن لهم الناس احتراما كبيرا ،وهم لايشعرون بالنقص ، كقوادي الزمن الماضي ، بل بالعكس من ذلك فهم فخورون بانفسهم ولذا فانهم متعجرفون ( شايلين خشومتهم ) كما انهم وهذا هو الاهم ( بتاع كلّو ) يمارسون كل انواع ( القوادة ) فهم لايكتفون برذيلة قيادة طالبي اللذة الى مواطن اللذه بل يقودون الناس ( احيانا يجبرونهم ) الى كل انواع الرذيلة : الرشوة ، السرقة ، التزوير ، القتل ، التجسس ، العلس ، بيع الضمائر الخ
قوّادو اليوم يبتكرون وسائل شيطانية ويشرعنونها ، بعد طلائها بطلاء ديني ، من اجل اسقاط المزيد من الضحايا، فمن شريعة المتعة ( التي لاتمت بتفاصيلها لتلك الشريعة التي شرعها الله وحدد لها شروطا قاسية ) الى زواج المسيار وزواج السياحة ووو زواجات هي فجور بيّن…
ان هؤلاء القوادين لايتورعون عن اسقاط من يقع تحت رحمتهم من النساء والرجال مستغلين درجاتهم الوظيفية ومايتمتعون به من مال وسلطان .
الفساد المستشري في العراق له سبب رئيس وهو ان القوّادين اصبحوا متنفذين وذوي يد طولى ،اما الشرفاء الذين لايسرقون ولايرتشون ولايزوّرون فوضعهم متردي ويستحقون الشفقة .. في عراق اليوم تحسن وضع القوادين بمختلف اختصاصاتهم وصاروا دينصورات مفترسة فساء وضع العراق وصار كدجاجة ( المصلحة ) التي حين تمسكها لتذبحها فانها لاتنقرك ولا( تقاقي ) وكل ماتستطيع فعله هو ان تذرق على يدك من خوفها … انه زمن دينصورات القوادين .