19 أبريل، 2024 11:00 م
Search
Close this search box.

القوات الامريكية في العراق واوهام السياسيين

Facebook
Twitter
LinkedIn

ثورة الغضب التي اشتعلت مؤخراً في الوسط السياسي العراقي والتي اخذت تتصاعد وتتفاعل بشدة حتى وصلت الى اطلاق التهديدات والتصريحات النارية الفارغة الفعال والمليئة بالاقوال .. مليشيات تهدد بمحاربة القوات الامريكية الوافدة للعراق واخرى تفرز قوة خاصة واجبها الهجوم على تلك القوات وبرلمانيون اختصوا بالتصريحات عبر القنوات الفضائية المإجورة يعتبروا قدوم قوات امريكية اعادة احتلال للعراق وخرق للسيادة التي لم يتبقى منها الا مفهومها اللفظي . وقوات التحرير في العام ٢٠٠٣ التي رحب بها سياسيوا العراق الجدد اصبحت قوة غاشمة تثلم السيادة وتمثل احتلالاً للعراق يجب مقاومته ورفضه .
انقسم السياسيون بين مرحب ورافض طبقاً لجذور انتماءاتهم وذيولها الاقليمية والمذهبية والعرقية . فما هي حقيقة تلك القوات الوافدة ؟ ماهي ادوارها ؟ هي اسئلة تدور في اذهان اغلب العراقيين اليوم فمنهم من يعقد عليها الأمال لتخلصه من واقعه البائس واخرون يروها بشائر سوء  ستسلب منهم سلطانهم وهيمنتهم وامتيازاتهم ، ومنهم من يرى انها ادوات تقسيم العراق جاؤا ليؤسسوا ويحموا الاقليمين الكردي والسني ، واخرون ربطوا هذا الفعل بما قدمت اليه ايران من احتجاز واذلال للبحارة الامريكان في مياه الخليج العربي مما ادى الى غضب امريكي افضى لارسال قوة تإديبية ستنال من ايران ومليشياتها واذنابها واذرعها ! وطبعاً كل تلك ماهي الا اوهام وسطحية في التفكير تدلل على مدى جهل قادة العراق الحاليين وسذاجتهم ويجدد في نفوس مثقفيه اليأس والتشاؤم والحسرات على شعب العراق العظيم وخنوعه وارتضاؤه ان يكون قادته وولاة امره بكل هذا التخلف والجهل والغباء .
بدأً من اتيحت له الفرصة للعيش في الولايات المتحدة الامريكية او ارهق نفسه قليلاً في الاطلاع على الية صنع القرار الامريكي سيكون من السهل عليه ان يعي ان القوات المسلحة الامريكية هي قوات فدرالية حكومية لا يتم تحريكها او تنقلها الا  عبر سلسلة من الاجراءات تستدعي موافقات البرلمان ومجلس الشيوخ الامريكيين اللذان هما ممثلي الشعب الامريكي ومفوضيه وبذلك وبصورة مبسطة ان تحريك اية قوة من الجيش او البحرية يتطلب اجراءات لأشهر وتتطلب حراك سياسي وانشاء لوبي يقنع غالبية اعضاء الكونكرس بعقلانية وفائدة وضرورات هذا التحريك للقوة .وبعد ذلك يتم النقاش في الجانب المالي ومن هي الجهة التي ستمول هذه الفعاليات ومن اين سيتم استقطاع ميزانيتها !
الولايات المتحدة الامريكية هي دولة مؤسسات ولايملك رئيسها صلاحيات القرار السياسي والعسكري المطلق ولذلك نرى مثلاً ان تأخر زج القوات في عمليات الانقاذ في الكوارث الطبيعية كإعصار كاترينا يسبب حرجاً بالغاً للحزب الحاكم ولكن سرعان مايعي المواطن ان ذلك هو اجراء صمم لحماية الامن الامريكي من ديكتاتوريات الافراد ، تابعت في ايلول الماضي سلسلة نقاشات وزارة الدفاع الامريكية عبر وسائل الاعلام هنا في امريكا حول تحريك الفرقة ١٠١ المحمولة جواً الى الكويت والعراق لاستبدال الفرقة ٨٢ المحمولة جواً كإجراء روتيني وكيف سيتم تنفيذ ذلك في الربع الاول من العام ٢٠١٦ ، سبب النقاش هو انشغال جزء من قوات الفرقة ١٠١ في قيادة قوة واجب في ليبيريا ضمن التزامات الولايات المتحدة مع التحالف الدولي لمكافحة فايروس ايبولا ..  حصلت موافقات الكونكرس وتم تحديد التوقيتات لعودة الفرقة ٨٢ الى قاعدتها في  فورت براغ من ولاية كارولاينا الشمالية ويعود ضباطها وجنودها الى عوائلهم وذويهم وتشرع الفرقة المحمولة ١٠١ بالحركة من قاعدتها في فورت كامبل من ولاية كنتاكي .
اذن فحركة الفرقة ١٠١ التي ارهقت سياسينا واطلقت العنان لاوهامهم هو اجراء روتيني مهني بحت لاعلاقة له باي تطور سياسي وان التحرك سيتم دباخاً اي على وجبات والقوة المنقولة هي جزء من قوات الفرقة ستكون بدفعتين الاولى من ٥٠٠ فرد في كانون الثاني ٢٠١٦ تتبعها الموجة الثانية من ١٣٠٠ مقاتل في نيسان ٢٠١٦ . القوة التي ستتمركز في العراق حددت واجباتها بمهمتان فقط الاولى استشارية والثانية تدريبية وسترتبط بالقيادة العراقية .
هذه هي حقيقة تحرك الفرقة المجوقلة ١٠١ ولذلك اثار استغرابي تفاعل هذه الازمة وتصريحات وتحليل الخبراء حتى وصلت الى حقيقة مفادها ان سياسيونا جهلة واغبياء ومصابون بقصر البصر في التحليل السياس والعسكري .
اما القوة الاخرى التي ارسلت الى العراق فهذه هي القوة التي يجب ان نحسب حسابها ونتريث قليلاً في تحليل واجباتها ومهامها هذه القوة هي تجحفل  اي مزيج من ثلاث قوات هي الاستخبارات العسكرية للجيش الامريكي وقوة من فوج مغاوير البحرية  وقوة من القوات الخاصة المسماة قوة دلتا . تعداد هذه القوة هو ١٥٠ عنصر حددت مهامها بما يلي
١.التعاون مع الحكومة العراقية
٢.القتال مع الجيش العراقي وقوات البيشمركة .
٣. مراقبة الحدود البرية بين العراق وسوريا والاردن .
٤.الاتصال بالقوة المتواجدة في سوريا والتي تعدادها ٥٠ عنصر لتنفيذ واجبات خاصة من جانب واحد في سوريا .
هذه القوة تعتبر من افضل القوات الخاصة في العالم وهي تمتلك مهارات عالية جداً في المداهمات والاعتقال وتحرير الرهائن والقبض على قادة داعش وبذلك وصفها احد القادة الامريكان في لقاء اعلامي مع صحيفة امريكية قائلاً ( على قيادة داعش ان يحترسوا من النوافذ ليلاً لانهم لا يعلموا مقدار القوة التي ستدخل عليهم عبر تلك النوافذ ) ،القوة تعمل بصورة منعزلة ونفذت عمليات لصالح قوات البيشمركة في الحويجة وحررت رهائن واعتقلت وقتلت قيادات لداعش وقد تشترك هذه القوات بمداهمة واعتقال مطلوبين من قادة ميليشيات او قادة عصابات او مهربين او مخربين .
هذه القوات الوافدة حديثاً كلها تمت بعدما طلبت القيادة العراقية عن طريق رئاسة الوزراء رسمياً من الولايات المتحدة في مساعدتها لمحاربة داعش في حزيران عام ٢٠١٤ وبناء على تلك الدعوى تم ارسال ١٣٠٠ عنصر من اللواء الاول من فرقة المشاة الجبلية العاشرة لتدريب القوات العراقية في ايلول ٢٠١٤ .
هذا هو واقع الحال ، وهذه حقيقة ماحدث وسيحدث لاحقاً ، فلا القوات الامريكية الوافدة ستحل مشكلة العراق ، ولن تقوم باي دور يصب في خدمة اي مشروع عراقي لاي جهة كانت شرقية او غربية ولا يمكن ان تكلف بهكذا دور في فترة العد التنازلي لرئاسة اوباما وفي ظل صراع انتخابي بين طرفي المعادلة الامريكية الديمقراطيون والجمهوريون ، فالتغيير يجب ان يتم بايديكم انتم وبسواعدكم انتم وعسى ان تكون هذه الاحداث دليلاً جديداً على عدم اهلية قيادات العراق بسبب آخر يضاف الى عدم نزاهتهم وارتماؤهم باحضان اجندات خارج الحدود  الا وهو غباؤهم السياسي وجهلهم المثير للاستهزاء .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب