18 ديسمبر، 2024 3:58 م

القمة الأميركية العربية – الإسلامية

القمة الأميركية العربية – الإسلامية

تحفل وكالات أنباء محلية في بلدان مختلفة بأنباء عن دعوات حملها وزراء سعوديون لقادة هذه الدول لحضور قمة تجمعهم مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أثناء زيارته للسعودية يوم 21 من الشهر الحالي. في خطوة مفاجئة وتذكّر، بل ربما تفوق في دلالاتها خطابات الرئيس باراك أوباما في أنقرة والقاهرة العام 2009، عقب توليه منصبه، فأوباما مارس الدبلوماسية الشعبية، وهذه دبلوماسية تقليدية.
لقد جاء الإعلان عن زيارة ترامب للسعودية، عقب زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، وأعلن أنها أيضاً تتضمن زيارة القدس، ثم قيل رام الله وأيضاً بيت لحم، وكذلك روما لمقابلة البابا. وبالتالي فهم كثيرون أنّ الزيارة تخص الشأن الفلسطيني – الإسرائيلي، وبحيث تجري المباحثات مع السعودية في هذا الشأن، وربما بشأن إطار إقليمي لعملية التسوية، يتضمن مفاوضات متعددة الأطراف متوازية. ولكن يبدو الأمر الآن مختلفاً، فالأمر أكبر مما تم توقعه.
يجدر الانتباه إلى المثلث الذي تشكله الزيارة، فالرياض كما يبدو هي الضلع الأول باعتبارها ممثلة العالم الإسلامي، وهذا يتعزز بدعوتها زعماء الدول العربية والإسلامية للقاء. والضلع الثاني هو روما باعتبار الفاتيكان ممثل المسيحيين الكاثوليك، فهل ستكون الرسالة من ترامب أنّ القدس ممثل لليهودية؟ خصوصا أنه ينوي زيارة أماكن عدة يدّعي الإسرائيليون أنها “توراتية”. سيكون هذا خطيرا. وهل يوجه ترامب بأجندة زيارته هذه إشارة أنهّ يرى العالم منقسماً لحضارات أو أديان، ويريد تسويات وتفاهمات معها، بعيداً عن الأمم المتحدة وعن إطار دولي عام؟
إذا كان هناك تنسيق ولقاءات عالية المستوى بالتزامن مع زيارة الرئيس عباس إلى واشنطن، وأعقب هذه اللقاءات الإعلامية قمة مفاجئة غير مسبوقة، حمل الدعوات فيها مسؤولون سعوديون بارزون ربما لتوضيح أهمية وعمق الخطوة المتوقعة، وبحسب الجبير ستكون القمة مهمة لمناقشة محاربة التطرف. وهو ما يتطابق مع ما صرح به ترامب بقوله اللقاءات لتنسيق محاربة “التطرف، والإرهاب، والعنف”.
عقب هذه القمة سيذهب ترامب للقاء قادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسيل، يوم 25 الشهر الحالي، ثم مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى، في صقلية في اليوم التالي.
بالتأكيد أن التنسيق الذي يريد ترامب الحديث عنه لا يتعلق بتنسيق أمني، وإلا لتولى العسكريون والأمنيون ذلك، بل قال ترامب، يوم 4 الشهر الحالي، وبحسب نص صحيفة الغارديان البريطانية “إنّ الولايات المتحدة لا تسعى لتخبر الناس كيف يعيشون حياتهم، ولكن لمحاولة المساعدة في خلق مستقبل أكثر عدالة وأملاً للشباب المسلم في بلاده”.
مثل هذه التصريحات تعيد للأذهان محاولات الرئيس جورج بوش الابن، قبل نحو عشرة أعوام، حثّ الدول العربية على الإصلاح السياسي، حيث وصل الأمر أن خصص القادة العرب الجزء الأبرز من قمتهم في تونس العام 2004، لما سمي الإصلاح السياسي، وتبنوا ما سمي “وثيقة الإصلاح”، قبل أن تتراجع إدارة بوش عن الدعوة للديمقراطية، بعد أن أتت بخصوم للولايات المتحدة، وينتهي الأمر مع مجيء أوباما وحدوث الربيع العربي.
هناك قضايا يمكن أن تساهم كثيرا بتغيير الأجواء العامة في المنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي إذا حلت ستغير من الجو العام ومن معطيات كثيرة في المنطقة. ولكن سياسة “المحافظين الجدد” التي وجدت زمن بوش، ركّزت على دعاوى إصلاح الأنظمة السياسية والديمقراطية، كمقدمة تسبق أي بحث للموضوع الفلسطيني الإسرائيلي، والحديث عن تواز في عمليات إقليمية مع المسألة الفلسطينية، لن يكون سوى التفاف على الشأن الفلسطيني.
فهل سنرى سيناريوهات تحاول فيها واشنطن رؤية تغيرات إقليمية واسعة دون علاج مشكلات مثل الشأن الفلسطيني، أم ستوجه الأطراف العربية والمسلمة رسالة، أن موضوعات مثل القضية الفلسطينية هي المفتاح؟
نقلا عن الغد الاردنية