23 ديسمبر، 2024 7:22 ص

القلوب ليست وطنية

القلوب ليست وطنية

هل اراك ؟ سالما منعما وغانما مكرما .. موطني .. هذا النشيد الذي نقرأه غالبا قبل المباريات الدولية والذي لا يحفظه معظم العراقيين .. هو بالاصل قصيدة لشخص غير عراقي لحنها شخص آخر غير عراقي ، بالنتيجة هو عبارة عن كلمات تعبر عن إنتماء ووطنية وولاء ، ولكن بأعتقادي القاصر ان معظم العراقيين لا يؤمنون بمضامين هذه المفردات ، فالقلوب تهوى من يبادلها الهم ، ويشاطرها الحزن والفرح ، ويسهر لسهرها ، كيف لجائع يحلم برغيف الخبز ان يرى الجـلال والجـمال والسَّــنَاء والبَهَاء فـــي رباكْ ؟ وقد غارت عيناه من الجوع .. كيف له ان يشعر بالانتماء ذاك الذي غيرت الشمس معالمه وانهكه التعب؟ لماذا يكون وطنيا من لا يملك في هذا الوطن شبرا ، وهو يرى الحيتان البشرية وقد استخدمت سياسة قضم الارض في بلدهم وقد اشتروا اراض وعقارات تأويهم وتأوي ابناءهم واحفادهم واسباطهم ونسائهم واصهارهم واقاربهم حتى الدرجة الرابعة ؟ ومن المؤكد طبعا ان من يسكن في جحر اشبه الزريبة منه الى البيت لا يشعر بحب الوطن ولا يلام اذا فعل ذلك ،.. كيف اقنع من استشهد والدها في تفجير ارهابي ، والدها الذي كان بالكاد يوفر ثمن الإيجار للسكن ، كيف اقنعها ان نشيدنا الوطني يقول .. ذُلَّـنَـا المُـؤَبَّـدا وعَيشَـنَا المُنَكَّـدا، لا نُريــــــدْ بـلْ نُعيــــدْ ،مَـجـدَنا التّـليـدْ ، كيف ستعيد هذه اليتيمة مجدنا التليد وهي لا تجد سقفا يستر طفولتها او شبابها؟ وهي تعيش عيشا منكدا وذلا مؤبدا .. بالتأكيد هي لن تصنع مجدا ابدا ، ولن تكون مثالا للشباب الفاعل في المجتمع ولن تلام اذا ما تركت الدراسة وتوجهت للعمل .. أي عمل ولن تكون ملامة اذا ما وقعت ضحية النصب والاحتيال في الشارع اذا ان حكومتها ذات النشيد الوطني ، لم تكفل يتمها ولم ترع وحدتها ، هذا مثال من ملايين الامثلة على ان العراق بلد غير صالح للحياة وان من يعيشون فيه اقسام ، القسم الاول : الحكومة او الناس الحكوميين ، وهم اغنى الناس وبامكانهم العيش في العراق لانهم يتسلمون رواتبا اكثر بستة اضعاف من راتب البروفوسور المسؤول عن المفاعل .القسم الاخر : الناس الاعتياديين وهم انوع شتى ولكن انا على يقين ان عدد من يريد ان يهرب من جحيم هذا البلد يتعدى النصف من مجموع العراقيين .