القلب هذا العضو الأساس الذي يقوم بمهام كبيرة في جسم الإنسان ففي الوقت الذي يمد فيه الجسد بالدم فهو يحافظ على ديمومة الحيوية و استمرارية الحياة هذا من جهة ، و كونه من جهة أخرى يمثل الوعاء النقي الذي يحافظ على الاستقامة و التكامل الأخلاقي لدى الفرد عندما يكون ممتلئ عن آخره بطاعة و عبادة صالحة تنبع أصولها من رسالة الإسلام السمحاء وبما يحقق الفرض الإلهي المقدس في تحقق العبادة الخاصة لله سبحانه و تعالى من جانب الإنس و الجان وهذه الغاية لا تقوم إلا عندما يكون القلب مرآة تعكس حقيقة الإيمان و خلوه من الأمراض النفسية التي تعكر صفو حياة الفرد ومن أمثلتها العُجُب و الكبر التي تكون وبالاً على المسلم و حجباً على القلب فينتج عنه عواقب وخيمة لا يُحسد عليها العبد المسلم فإذا وقع الإنسان تحت تأثير هذه الأوبئة النفسية فحتماً سوف تزداد المسافة بين العبد و خالقه جل و علا فيدخل في دوامة من المتاهات و رزنامة من الانحرافات الأخلاقية وصولاً إلى جادة التيه و الضلال وهذه نتيجة طبيعية فلا نستغرب منها ، فالعجب و الرياء و الكبر تُعَد من الآفات الضارة التي تدخل إلى نفس الفرد من حيث لا يشعر بسبب امتلاء قلبه بوسوسة إبليس و مغريات أعوانه الفاشلين فتتكون على القلب حزمة من الحجب و الأغشية التي تطبع عليه فتجعله يفقد البصيرة في أمور دينه و شؤون دنياه و آخرته على حدٍ سواء و تلك نتيجة طبيعية لما آل إليه حال كل مَنْ يُصاب بداء العجب و الرياء و الكبر ومعها زادت الأغشية و الحجب على القلب فيصبح صاحبه من الذين طبع الله تعالى على قلوبهم فأصبحوا من الجبابرة و المتكبرين وهذا ما نجد صداه واسعاً في القران المجيد بقوله ( كذلك يطبع الله على قلب كل جبار متكبر ) من هنا نستطيع القول أن القلب وعاء نقي لا يسع لاجتماع النقيضين أو الأضداد ، ففي عرف أهل اللغة أن الأضداد و النقائض يستحيل اجتماعهما في نفس الزمان و المكان وذلك لعدة عوامل كثيرة حالة دون ذلك ، ومن هذا المنطلق اللغوي نجد صعوبة اجتماع العبادة الصالحة مع وسوسة الشيطان في آن واحد و تلك حقيقة كشفها الكثير من الباحثين و المتبحرين في أمهات الكتب و المصادر الإسلامية و اللغوية جاء ذلك في معرض كلام أحدهم وهو يتحدث عن أهمية الصلاة وعن الآثار السلبية الناتجة عن العجب و الكبر فقال : ( من الآثار السلبية المترتبة على اثار العجب و الكبر أن كل منهما يمثل حجاباً عن الرؤية النقية الصحيحة المتوازنة حتى يزداد ذلك الحجاب عمقاً و شدة فيتحقق الطبع على القلب فيكون الانسان مصداقاً لقوله تعالى ( كذلك يطبع الله على قلب كل جبار متكبر ) .)) . فالقلب النقي الصالح العامر بالذكر و العبادة المستقيمة و الطاعة الخالصة لوجه الله تعالى حقاً أنه الوعاء و المرآة الناصعة و لتكن قلوبنا يا أخوتي في الله تعالى على هذا المنوال دائماً و أبدا .