الصراع السياسي في أوجد نوع من التفكيير البراغماتي تسلط على الغالبية العظمى من السياسيين بفعل عوامل متعددة لعل من أهمها طبيعة (العملية السياسية) التي يقوم عليها الصراع السياسي العراقي منذ 2003م لغاية يومنا هذا والمقامة أساساً على (التوازن الطائفي والعرقي) والمحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية ولقد سخر لهذه العملية الملايين من الدولارت لأجل خلق (خطاب سياسي جمعي) يتوائم مع أركان هذه العملية السياسية التي أصبحت عرفاً سياسياً يطوق الأحزاب والسياسين والصراع السياسي في العراق واصبح التخلص من أعبائها وسلبياتها أشبه بالمستحيل وأصبح كل من يفكر خارج هذا الإطار (الجمعي) مغرداً خارج السرب أو حالماً أو مثالياً أو غير ناضج ! إن لم يكن مخرباً وعميلاً وإرهابياً!

ورغم الكارثة التي وصل إليها العراق اليوم التي لا تخفى على أحد فإن جميع السياسيون يتجاهلون أصل المشكلة وجذورها ويذهبون الى ظواهرها ولهم ما يبرر لهم ذلك لأن تحليل الظاهرة وتفكيك المشكلة قد يطيح بأركان العملية السياسية الحالية وقد يستوجب تبديل فلسفتها وأدواتها وذلك يعني التعرض لشبكة مصالح (شخصية وحزبية وطائفية وعرقية ومحلية وإقليمية) هائلة ومعقدة يستحيل التخلي عنها بل إن وجود مثل هذه الظواهر (قد) تخدم بعض الأطراف ويهمهم وجودها رغم تعارضهم مع أطرافها ! .

وإذا كان للعقل السياسي ما يبرره للتمسك بظواهر الكارثة دون جذورها فإن ذلك لا ينبغي للمفكرين والمثقفين الانجرار اليه فظاهرة داعش والمليشيات والعنف والجريمة والقتل المنظم والتهجير و التكفيير والتفكير الطائفي المغلق والفساد المالي والإداري وضعف إداء الدولة والى ما هنالك من ظواهر لها عوامل واسباب تغذيها وتطورها وتسمح لها بالنمو والبقاء لابد من معرفتها وتحديدها بدقة والعمل على معالجتها وإقتلاع أسبابها من الجذور؛ بل إن هناك عوامل واسباب غاية في الأهمية والخطورة قد تخنق كل تلك الظواهر السلبية الخطيرة ولا تسمح بوجودها داخل المجتمعات الحضرية ولا تجد تلك الظواهر المتخلفة فيها متنفساً او حاظنة لنموها؛ لذا لابد للمفكرين وحكماء الأمة من أن يقولوا قولتهم بعيداً عن الخطاب الجمعي (القطيعي) كمحاولة منهم لأعادة قراءة المشهد من مختلف زواياه للوصول الى معالم لطريق الحل والخلاص من كل هذه الوحشية والتخلف والقتل والموت والدمار لحاضر الأمة ومستقبلها.

كل تلك الظواهر حدثت في ظل نظام المحاصصة والخطاب الطائفي وفي ظل دولة مبنية على هذا الأساس ولو توفرت الثقة بالدولة (العادلة المدنية) التي تحترم الانسان وتحرص على توفير كامل حقوقه وتفهم معاناته والتي تستطيع كسب ولاء الناس وحبهم لقضت على نسبة العالية من مبررات الاجرام بكل انماطه ولحققت وحدة السلطة والقانون والشعب ؛

كما اشاعة الخطاب الوطني وتقليص الخطاب الطائفي او العنصري المستفز يعزز الوحدة الوطنية الطاردة للدخلاء ؛ وطن متعدد القوميات والاديان والطوائف لا يمكن ان تقوده غير دولة مدنية تحترم ذلك التنوع ولا تتعارض معه وتكفل للجميع حقهم الطبيعي في اعتناق اي عقيدة يؤمنوا بها شرط ان لا تمس حرية الاخرين في اعتناق عقائدهم ولا يخالفوا القوانيين السائدة الاي يخضع لها الجميع دون تفريق ولا تمييز؛

التحصين الداخلي للطوائف وتعميق الولاء الحقيقي الحريص على الطائفة او القومية وإضهارها بما يليق بمعتقداتها وتطهيرها من داخلها من ما يسئ اليها من ممارسات خاطئة أو متعصبة خصوصاً في الأمور التي تتعلق بالعقيدة والدين وأصحاب تلك العقيدة هم من يطهروا أنفسهم من الخطاب والممارسة الإجرامية البغيضة قبل غيرهم إضافة إلى حق الدولة في حماية الوطن والمواطن بموجب القانون …. الى ما هنالك من امور يمكن ان تساهم في تعزيز الوحدة الوطنية والسلام والامن الاجتماعي ويبقى دور القوة محصوراً فقط بيد الدولة للتعامل مع المجرمين الشاذين عن العقد الإجتماعي وليس مع اي مكون إجتماعي صغر هذا المكون او كبر لأن ذلك يعقد المشكلة ويخلق مبررات لحروب طائفية واهلية لا اول لها ولا اخر والجميع فيها خسران ونخسر بذلك مستقبل البلد ونضيع فرص للتحضر والتطور وأي خلاف مجتمعي لابد من الى الحوار لحله ما دام يسلك الطرق الشرعية والسلمية.

اتمنى ان نرى ونسمع صوت الحكمة والتعقل لايقاف هذا الفكر القطيعي (الجمعي) الذي يلهث وراء العنف والعنف المضاد والثائر والإنتقام والعقد التاريخية والتخلف وشرعنة الفساد والطائفية المتوحشة الدموية التي أسائت للإسلام وللمذهب ساعياً لايقاض الفتن واسعار الحروب وتدمير المدمر والقضاء على مستقبل العراق مهد الحضارة ومعلم الناس القراءة والكتابة والزراعة واول دولة ديمقراطية عربية حديثة اتمنى من المفكرين العمل على استعادة وعي الامة عبر استعادة

وحدتها الإجتماعية وسلامها وأمنها الأهلي . وإلا فإن العراق ذاهباً إلى منزلقاً وهاوية سحيقة تسلب كل مقوماته الحضارية والمدنية وتعود به إلى عصور التخلف والبداوة خصوصاً وأنا أرى وأسمع وأقراء كل يوم تاجيجاً طائفياً خطيراً متخلفاً يدفع نحو بحار الدم والموت والثائر والانتقام في خطاب دموي أهوج بالذات من (السنة والشيعة) وتفاخر بالقتل وندب للضحايا وكلهم من شباب العراق الفتي يقتلون ويعذبون هنا وهناك ومكانهم كراسي الجامعات ومدرجات العلم وقاعات المعامل والحقول والمزارع وبدل الفرح والحب يسقون الموت الزئام ويبدلون إبتسامة الرجاء بتوسلات الهلع (عدا ملايين المهجرين والمطاردين والمشردين والجرحى والمعتقليين والمفقودين) أي وطن هذا؟! ؛ والكل يرمي حطبه في النار ويسعر للحرب والذبح والقتل وما يفزع أكثر أن تجد (بعض الأجهزة الأمنية والإعلامية الرسمية) تساهم في تسعير هذه النار القذرة .

اتمنى من المفكرين والحكماء وعقلاء الامة ومراجعها واقبل على ايديهم ان اوقفوا الموت وحصنوا انفسكم بالوحدة الوطنية و أوقفوا هذا الفكر الجمعي الذي تساق له الأمة ؛ اوقفوا هذا العبث وهذه الوحشية . وسيطرد السُنة داعش وكل الغبث الذي اندس لهم نتيجة لأخطاء متراكبة وسيطرد الشيعة مليشيات القتل والاجرام وكل الغبث الذي إندس لهم وسيطرد المجتمع الوطني كل ما يسء للوطن اعزكم الله واعزه .