يتشكل النظام المصرفي في العراق من مجموعة من المصارف الحكومية والخاصة، فهناك مصرفي الرافدين والرشيد اللذين يستحوذان على أكثر من 80% من التعاملات المصرفية في العراق، في وقت نجد أن باقي المصارف الخاصة والحكومية لا تستحوذ إلا على 20% من هذه التعاملات، مع أن عدد هذه المصارف يتجاوز 30 مصرفا، منها ستة مصارف أجنبية، وسبعة مصارف تتعامل وفقا للشريعة الإسلامية، وعدد غير قليل من المصارف الأهلية.يتمثل ضعف القطاع المصرفي في نقطتين أساسيتين، الأولى هيمنة المصارف الحكومية على التعاملات المصرفية، لإفتقارها لأنظمة مصرفية حديثة، والثانية أن أغلب البنوك الخاصة، تمثل أوعية وخزنات عائلية، لا ترتبط بالبلد. العمليات المصرفية لا تنحصر فقط في عمليات مصرفية، يمكن أن يقوم فيها أي مكتب صيرفة صغير؛ ناهيك عن مصرف يتجاوز عدد العاملين فيها الألاف، وتقدر أموال المودعين فيه عشرات التريليونات من الدنانير العراقية، بل تعدت هذا الى عمليات الإستثمار وإنشاء محافظ مالية، يمكن أن تعود على المودعين بإيرادات إضافية، لكن ما يؤسف له أن المصارف الحكومية محكومة بتعليمات البنك المركزي العراقي، التي تمنعها من الولوج الى هذا المجال، لأنه من الإستثمارات المتوسطة والطويلة الآجل، في حين أن أموال المودعين تعتبر قصيرة الآجل.ما يؤخذ على البنك المركزي هو سماحه لهذه المصارف بمنح قروض لشراء السيارات، وهو نوع من الإستثمارات غير ذات جدوى إقتصادية للبلد، في حين يتغافل عن المشاريع التنموية التي يحتاجها البلد، والتي هي من ضمن إهتماماته، لكن لا نعلم متى يقتنص البنك المركزي هذه الفرصة، للنهوض بالبلد من محنته الإقتصادية، خاصة إذا ما علمنا أن هناك ما يزيد عن 40مليار دولار فائض لدى مصرفي الرشيد والرافدين فقط، والتي بالإمكان لو تم توظيفها بالشكل الصحيح، لنهضت قطاعات إقتصادية مهمة، ولكان بالإمكان الإستغناء عن إستيراد كثير من المنتجات والسلع المحلية، الأمر الذي تكون فائدته مركبة، فهو من جهة سيزيد الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك إعادة الروح الى قطاعات إقتصادية تئن من وطأة السلع المستوردة، وكذلك تعود على المصارف بأرباح وفيرة، تتشاركها مع المودعين.كما يؤخذ على القطاع المصرفي، عدم تفاعله مع التغيرات الحاصلة في القطاع المصرفي في العالم، ومواكبته للتطورات الحاصلة فيها، بما يجعله منه قطاع بدائي لا يعتمد على المكننة الحديثة في عمله، بحيث نرى أن عملية مقاصة بين فرع مصرف في محافظة، مع فرع أخر من نفس المصرف في محافظة أخرى تستغرق أكثر من أربعة أيام، في وقت أنها في المصارف العالمية لا تستغرق من دقائق معدودة.في واحد من تقاريره يؤكد البنك الدولي بأن (( مصرفي الرافدين والرشيد يفتقران للكفاءة في عملهما، ويعانيان من خسائر خلال الأعوام السابقة، بالإضافة الى خسائر عن أنشطة مرتبطة بسياسة الإنفاق الحكومي، وليس بمصالح تجارية خاصة، ولتعزيز عمل هذين المصرفين، يجب على الحكومة تعزيز الرقابة على النظام، وفسح المجال للقطاع الخاص لمنافسة المصارف الحكومية.