مرة أخرى، يعود الامريکيون لإثارة الضجيج بخصوص موضوع نقل الاسلحة الايرانية عبر الاجواء و الاراضي العراقية الى سوريا من أجل دعم نظام بشار الاسد، وهو موضوع يکاد أن يشبه موضوع الاسلحة الکيمياوية للنظام السوري، والذي يتجه للسخونة حينا و يعود حينا آخرا ليس ليبرد فقط وانما حتى ليضربه الصقيع!
إنتقاد المسؤول في وزارة الخارجية الامريکية بريت مکجورك أمام جلسة للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، للجهد العراقي المبذول من أجل منع تدفق الاسلحة الايرانية الى سوريا عبر العراق، وخصوصا فيما يتعلق بعمليات تفتيش الطائرات(المدنية)الايرانية، يمکن إعتباره نوع من الاستغفال الامريکي الذي يکاد أن يصل الى درجة(الاستحمار)، ذلك أنه ليس هنالك من يجرؤ في حکومة المالکي على الوقوف و بصورة فعلية و جدية بوجه مسألة تدفق الاسلحة وان کل الذي يجري مجرد سيناريوهات سمجة و يغلب عليها الافتعال.
الامريکيون الذين يقلقهم تدفق الاسلحة الايرانية عبر الاجواء العراقية الى سوريا، لايعرفون بأن الذي يتدفق عبر الاراضي العراقية و بطرق و اساليب مختلفة يکاد أن يکون أضعافا مضاعفة للاسلحة المتدفقة جوا، رغم أن الامريکيون الذين يقلقهم موضوع تدفق الاسلحة عبر العراق الى سوريا، يبدو أنهم يرغبون في تجاهل موضوعات حساسة و خطيرة أخرى ذات صلة نظير تدفق الميليشيات الشيعية العراقية الى سوريا بتنسيق و توجيه و إعداد من جانب السفارة الايرانية في بغداد و بإشراف و قيادة قاسم سليماني قائد قوة القدس شخصيا، وکذلك لايريدون أن يعلموا شيئا عن الاموال العراقية التي تتدفق بعلم و إشراف رئيس الوزراء نوري المالکي الى سوريا، والانکى من کل ذلك أن الامريکيون منهمکون بإرسال اسلحة للمالکي کي يستمر في حربه الضارية بالانبار و التي تميط الايام تدريجيا اللثام عن معدنها و نواياها الحقيقية التي لاعلاقة لها بمکافحة الارهاب وانما لتحقيق أهداف و أجندة إيرانية خاصة في العراق و المنطقة.
النظام الايراني و بعد إتفاق جنيف الذي وقعه إضطرارا، يريد أن يمهد لمکتسبات کبيرة على الارض و خصوصا فيما يتعلق بالوضع في سوريا، والذي باتت الامور تسير بإتجاه يخدم مصلحة هذا النظام و نظام بشار الاسد ولاسيما بعد بروز مسألتين مهمتين هما:
ـ تدخل المنظمات الاسلامية المتطرفة في الاوضاع الدائرة هناك و التي جعلت المجتمع الدولي عموما و الغرب خصوصا يتراجعون في دعمهم المقدم للثورة السورية بسبب من ذلك.
ـ موضوع إستخدام الاسلحة الکيمياوية و التي يمکن القول انها مؤامرة او مخطط فيه أکثر من تنسيق و تعاون بين النظام السوري و التنظيمات المتطرفة من خلال النظام الايراني نفسه، حيث أنه قد جعل العالم يتردد في إلقاء اللوم على النظام السوري لإستخدامه الاسلحة الکيمياوية في ريف دمشق و صار يشك في الثوار السوريين.
من الواضح أن قضية ورود و تدخل التنظيمات الاسلامية المتطرفة الى حلبة المواجهة في سوريا و کذلك قضية إستخدام الاسلحة الکيمياوية في سوريا أيضا، کلتاهما قضيتين تم وضع و إعداد السيناريو الخاص بهما في اروقة و أقبية النظام الايراني في طهران.
موضوع تدفق الاسلحة و الرجال و الاموال عبر العراق الى سوريا(وحتى دول أخرى)، موضوع يرتبط بذلك التحالف الخاص المقام بين رئيس الوزراء العراقي نوري المالکي و بين النظام الايراني، وطالما بقي المالکي في منصبه وکانت له صلاحيات يمارسها فإن هذه الامور ستستمر على سابق عهدها، القضية هي بصراحة مرتبطة ببقاء المالکي او عدمه في منصبه وليس بمسرحيات و سيناريوهات التفتيش المثيرة للسخرية والاستهجان و التي لاتقدم او تؤخر من شئ!
[email protected]