18 ديسمبر، 2024 9:35 م

القضية الكردية . . المشكلة والحل

القضية الكردية . . المشكلة والحل

لابد من الاعتراف بان لدينا مشكلة مستعصية اسمها المشكلة الكردية . ولا يحق لنا اغماض اعيننا عن هذه المشكلة او الادعاء بان الكرد ليسوا من الشعوب الاصلية , او انهم طارئون في العراق . او غيرها من الحجج . الشعب الكردي شعب اصيل له قوميته وخصوصيته واننا كدولة مستقلة نعتبر الشعب الكردي جزءا من هذه الدولة ولايمكن التفريط بوحدتنا

بدأت المشكلة الكردية منذ العهد الملكي . وقد تم معالجتها على الدوام باساليب عسكرية الا في اوقات محددة يتم فيها وقف النزاع المسلح بحلول موقتة سرعان ماتذهب ادراج الرياح . وقد فرط صدام حسين بشط العرب من اجل حل المشكلة الكردية فضاعت حقوقنا وبقيت المشكلة الكردية . وجاءت حلبجة ومارافقها من مفاهيم الظلم والابادة للشعب الكردي . وتم اجتثاث البعث على اعتبار انه من اعداء الشعب الكردي . ولم يقدم الاجتثاث اي شئ لهم ، لان الحكم الجديد كسابقه لم يستطع استيعاب المشكلة الكردية رغم وجود تحالف سابق للاحتلال الامريكي واعني به التحالف الشيعي الكردي . وقد حاول رئيس الوزراء السابق الاستئثار بالحكم عن طريق ايهام الكرد بتقاسم السلطة الا انه سرعان ما تنصل عن اتفاقه مع الكرد كما تنصل عن اتفاقاته مع جهات عديدة ، واستبدلها برشاوي من ميزانية الدولة وزعت بغير حساب على سنة وشيعة وكرد ، لتحقيق حلم الاستفراد بالحكم الاانه رغم ضياع ثروة العراق لم يستطع البقاء في سلطة لم يكن مؤهلا لها . وبعد انتهاء اموال الدولة وافلاس الميزانية عادت المشاكل بين حلفاء الامس

من الصحيح جدا القول ان المشكلة الكردية مشكلة قديمة الا ان عودتها الى السطح مجددا تعود الى عدم وجود توازن للسلطة الحاكمة الحالية . والجميع يعرف هذه المشكلة ولكن لا احد يرغب في التخلي عن امتيازاته وهذا يشمل العرب شيعة وسنة ويشمل الكرد ايضا
في منطقة الحكم الذاتي او كردستان العراق هناك تكتلات ومافيات تتصارع على الثروة كما ان هناك احزاب تتنازع على السلطة ايضا . وكذلك في الحكومة الاتحادية في بغداد وربما بشكل اكبر . ولذلك نرى تجاذبات واتهامات متبادلة بين الحكومة الاتحادية وحكومة كردستان ودخلت الاحزاب الحاكمة وميليشياتها على خط الصراع وكل يتهم الاخر بالخيانة وبحنث القسم . وكلهم تقريبا مدفوعين من جهات اجنبية او اقليمية
ان القرارات السياسية المتخذة في العراق ماهي الا املاءات من دول الجوار او من الدول الكبرى ، وهذا يعني اننا غير مستقلين باتخاذ القرار . هذه حقيقة . . وحقيقة اخرى ان بعض الدول قد تدخلت بشكل مباشر بالقضية الكردية . . وقد ساند الامريكان الكرد لكن هذا لايعني اعطائهم كارت ابيض ليفعلوا مايشائون . كما انه من غير المعقول قيام جهات سياسية في كردستان بالتعاون علنا مع اسرائيل وهم يعلمون ان هناك حقوقا للشعب الفلسطيني وان هناك اراض عربية محتلة من قبل اسرائيل اضافة الى ان اسرائيل لاتساعد الكرد لسواد عيونهم وانما لديها مصلحة في تقسيم العرب ، والعراق على وجه الخصوص لان للعراق مكانة تاريخية ودينية تحسب اسرائيل لها الف حساب . . وهي دولة عنصرية تعتمد على المفاهيم الدينية القديمة في سياساتها على مستوى المنطقة و على مستوى العالم ايضا
وبالمقابل فان تقسيم الشعب العراقي الى مكونات شيعية وسنية وكردية واقامة حكومة على وفق هذا التقسيم ما هو الا واحدا من المشاريع الاسرائيلبة الصهيونية التي يتم تنفيذها من قبل الاحزاب الحاكمة في بغداد بحماسة منقطعة النظير . وما اصرارهم على بقاء التحالفات الطائفية الشيعية والسنية كبديل عن الوطنية العراقية الاترجمة لهذه المخططات . وان هذه السياسة هي التي ساعدت المتربصين بالوحدة الوطنية للتجاوز على وحدة العراق ارضا وشعبا

ان الفوضى السائدة في العراق الان والتي لاتخفى على احد . . منبعها واساسها عدم وجود ارادة عراقية حقيقية في ادارة البلد . وقد تدخلت في شؤونه الداخلية كل من امريكا وايران ثم روسيا وتركيا وبعدها السعودية وحتى الامارات وقطر ولاننسى اسرائيل ايضا وبطريقة خفية . وكل له اجندته السياسية المتوافقة احيانا والمتعارضة احيانا اخرى . وكان من نتيجة ذلك كله الصراع الدامي بين ابناء البلد الواحد بحجج طائفية او قومية . حتى اصبح العراق لايجد له اي مركز قوة فاعل بحيث يفرض سيطرته على الوضع الداخلي ناهيك عن عجزه في رفض التدخلات الخارجية بشؤونه الداخلية ، او اتخاذ قرارات وطنية عراقية خالصة . واية ازمة يقع فيها يهرع الى دول الجوار ليدرأ الخطر عنه . والسبب في كل ذلك عدم وجود تجانس في الحكم بين طوائف الشعب الذي قسم الى شيعة وسنة وكرد وعرب . وكل يريد قسمة اكبر من كعكة الحكم لنفسه مستعينا بدول الجوار او القوى الكبرى تحت مبررات تاريخية او مظلومية ، سواء مظلومية الشيعة او مظلومية السنة المستحدثة او مظلومية الكرد وعقدة الشعور بالاضطهاد سواء كان حقيقيا اومبالغا فيه

ان دعوة الكرد للاستفتاء لم تخرج عن هذا المنطق . وان حل المشكلة الكردية يتطلب منا الاعتراف بها اولا . ثم الاعتراف بان حلها لايمكن ان يتم بمعزل عن الوئام والتوافق الوطني لكل اطياف الشعب ، ويشمل ذلك الشيعة والسنة والكرد والعرب والتركمان وسائر الفئات العراقية الاخرى . الذين ينتابهم الشعور بالاضطهاد والمغبونية او الابادة الجماعية والتهجير والتعسف
ان هذه الحكومة عاجزة عن ايجاد الحلول لاي مشكلة بما فيها المشكلة الكردية

ان التهديد باستخدام القوة لايمثل حلا ابدا لان كل الحكومات المتعاقبة في العراق حاولت حلها بالقوة واحيانا القوة المفرطة ولكنها لم تفلح . كما ان استخدام القوة ضد اديان وطوائف داخل البلد لم يجلب لنا سوى المزيد من الاقتتال والدماء والعنف يقابله دائما عنفا اشد فتكا . ولكن هؤلاء الحكام
لم ولن يتعضوا وليس فيهم رجل رشيد ليدرأ عنا هذه المصائب والويلات . ويعيد اللحمة الوطنية الى شعب عانى ماعاناه من الفرقة والانقسام . والمشكلة ان الجميع يتحدث عن مؤامرة التقسيم ولا واحد قام بعمل وطني لدرء هذه المؤامرة بل الجميع يساهم في تنفيذها بطريقة او باخرى
ان الدعوة للاستقلال قد جاءت من قبل البارزاني الذي حاول استغلال هذه الظروف اضافة الى ضعف الحكومة الاتحادية ، ومحاولته الهروب الى الامام ازاء المطالبات الكثيرة لتنحيته عن رئاسة الاقليم . وكذلك لتحقيق مجد شخصي له رغم علمه وعلم الجميع استحالة تنفيذ هذه الدعوة للاستقلال في هذا الوقت بالذات ونحن نشهد توترات وحروب اقليمية شديدة التعقيد ، واقليم كردستان محاط بدولتين اشد عداء له من اي دولة اخرى . كما ان الاقليم لايملك منفذا بحريا مما يسهل على دول الطوق محاصرته وفرض ارادتهم عليه

ان المشكلة الاساسية في العراق تكمن في عدم وجود الثقة بين الاطراف المتصدية للعمل السياسي ، وان اعادة الثقة تتطلب المشاركة الفعلية بالقرار السياسي . وتبني الاعلام الوطني الهادف . مع التوقف عن التصريحات الطائفية والعنصرية . وحصر السلاح بيد الدولة . واعادة المهجرين الى مدنهم دون تلكؤ لقطع الطريق امام استخدامهم كورقة ضغط لتحقيق مآرب غيرعادلة
وحل مشاكلنا الداخلية عن طريق الحوار المباشر وتجنب التهديد باستخدام القوة الذي لن يجدي نفعا . وان نجلس مع اخواننا الكرد لحل جميع النقاط العالقة بما فيها المناطق المتنازع عليها ، وهي مناطق مشتركة للجميع . وان تعذر التوصل الى حلول مرضية ، فبالامكان الاستعانة بالامم المتحدة او بخبراء دوليين . للقضاء نهائيا على كل بؤر الخلاف والفرقة

ان على القادة الكرد الذين ساهموا بالاستفتاء لصالح الاستقلال ، الابتعاد عن التهديد بالانفصال . لان ذلك لايصب في مصلحة الكرد لا في الوقت الحاضر ولا في المستقبل المنظور ، ويعرض التعايش السلمي الاهلي للخطر . وان عليهم بدل ذلك المشاركة مع بقية ابناء الشعب العراقي لتصحيح مسار العملية السياسية المشوهة والمشبوهة ، اضافة الى ان الظروف الدولية والمحلية تتعارض مع هذا النهج ، وان يعملوا بجد لفتح صفحة جديدة من العمل السياسي ، لتجنب كل مايؤدي الى الاضرار بمصالح العراق او شعبه

ان الاهمية القصوى في الوقت الراهن تكمن في توطيد الجبهة الداخلية ، والكف عن التعصب القومي والائتلافات الطائفية . والوقوف صفا واحدا لمواجهة خطر التقسيم الذي اصبحنا قاب قوسين او ادنى منه خصوصا وان هناك دعوات في السر والعلن لاعلان الاقاليم في العراق . اضافة الى مطالبات اقليم كردستان في الانفصال
ومن هذا المنطلق يتوجب على الجميع الكف عن التصعيد الاعلامي والتحريض الشوفوني الذي يخلق العداء بين الشعبين العربي والكردي ويسبب خسارة فادحة للجميع
اننا يجب ان نعمل معا في وطن واحد يجمعنا . وفيه من الخيرات ماتكفينا جميعا والاعتماد على انفسنا في اتخاذ القرار الوطني بدل تنفيذ اهداف وسياسات الدول المجاورة في التوسع على حساب شعبنا ووطننا والذي لم نحصل منه الا على الخراب وخيبة الامل مع ضياع الحقوق وربما التفريط بوطن كان يأوينا جميعا