22 نوفمبر، 2024 10:37 م
Search
Close this search box.

القضية العراقية وقدسيتها

القضية العراقية وقدسيتها

نشغل انفسنا وللاسف بقضايا جانبية على حساب قضيتنا الجوهرية قضية العراق التي ينبغي ان تلهينا حتى عن الاكل والشرب وتضيع علينا حساب الليل والنهار. مالنا ومال تركيا؟ مالنا ومال الانقلاب العسكري فيها ومصيره؟ متى بالحق ، ندرك ونميز هذا لنا وذاك لغيرنا؟ لو راجعنا المدونات في الأيام الاخيرة للاحظنا ان عنوان تركيا وانقلابها العسكري ، وباقلام عراقية ، وطبعا رأي الكتاب بين هذا وذاك ، هو البارز على المدونات ، حتى ليكاد هذا الاهتمام الزائد عن حده ، ان يحجب العراق ومعاناة شعب العراق عن المكانة التي يستحقانها بين العناوين وبين الموضوعات. وبهذه المناسبة قد أجيز لنفسي ان أُوصِّف كل تلك التعليقات بانها غير صائبة  ولا معنى لها في الأقل.
كانت دول الجوار في الماضي والآن  تسعى وبكل الطرق ، والتي كلها طبعا مساعي غير شريفة ، تسعى لأقلمة قضية العراق ، تسعى لان تضيع صوت العراق وشعب العراق ، ليبقى لها كلمة الفصل لما يدور فيه، وبالتأكيد ، تسعى لان تقلب جحيم العراق ومآسي وأحزان شعبه الى مغانم مكتسبة لها. واليوم نلاحظ ان  البعض من أبناء الشعب العراقي الابي قد شرب من ماء دول الجوار المسموم وارتوى منه  ، شرب الماء العكر ، وبدأو هم بأنفسهم يدعون بل ويفتحون الباب لمزيد من التدخل الإقليمي في العراق. ماذا جر علينا تدخل دول الجوار ، كل الجوار ، من خير في الماضي ، كي نطلب منه المزيد للحاضر؟
كل الشعوب والامم تسعى ، دائما وأبدا ، الى احداث متغيرات جذرية وعميقة ، من حين لآخر ، او كلما اقتضت الضرورة ،  في النهج الذي تتبعه دولها.  وهذه المساعي والجهود تتلون بألوان المستويات الحضارية التي بلغتها تلك الشعوب والامم. فحين تبلغ الشعوب المستوى الحضاري الراقي والرفيع تلجأ الى الأساليب الديمقراطية والشفافة لأحداث المتغيرات. تلجأ الى صناديق الاقتراع ، وهذا ما لاحظناه مؤخرا في بريطانيا عندما قرر الشعب البريطاني الخروج من الاتحاد الأوربي. عندما لاحظ الشعب البريطاني ان حاضره ومستقبله يكمن في الاستقلال عن الآتحاد الأوربي. وغني عن البيان ان عمر الحملة البريطانية  للخروج من الاتحاد ليس بقصير فقد بدأتها مارغريت ثاتجر رئيس الوزراء الأسبق منذ مطلع الثمانينات من القرن الماضي ، ولكن كان القرار من البداية ، ان تخرج بريطانيا من الاتحاد ، كما دخلت اليه عبر صناديق الاقتراع.  وتجاوبت بقية دول الاتحاد الأوربي بالمقابل بنفس النمط ، بكل إيجابية وشفافية مع هذا الاختيار. ولكن حين يكون مستوى الشعب او الشعوب دون ذلك المستوى في الرقي الحضاري والديمقراطي ، تلجأ تلك الشعوب ، الى إسلوب الانقلابات العسكرية ، او الانتفاضات الشعبية ، لأحداث التغيرات المنشودة ، وهذا ما شاهدناه مؤخرا في تركيا. وعلى العموم لا دخان بلا نار.
الشعوب الحية او الناهضة ، هي الشعوب التي تقتبس ما يجري لدى الشعوب الراقية وليس العكس. وهنا ينبغي علينا جميعا ، والكثير الكثير منا يعي ذلك من قبل الان ، يعي ويدعو  لان نترك مال الآخرين للآخرين ، وننشغل بما لنا ولا ننشغل بما غيره. وربما البعض منا من يقول وكيف ذاك وما جرى ويجري في العراق؟ فنقول له قد مررنا على ذلك في مقدمة المقالة ، ولا يغير من الحقيقة شيء ان اكتفينا بما قلناه او ازدنا عليه. المهمة الرئيسة لإنقاذ شعبنا وبلدنا تقع على عاتقنا نحن وليس على عاتق احد غيرنا. من ذلك اختصت الشعوب والدول من قديم الزمان ان تكون للشعوب خواص تجمعها خاصة بها وتميزها عن الشعوب الاخرى ، تعيش وتزدهر بنموها وتموت وتندثر بفقدانها،  وكذلك لدولها حدود واضحة وثابتة غير مباحة امام الدول الاخرى مهما كانت صلتها بها.
ما نحتاجه الان ، او ما نحتاجه اليوم وأكثر من اي يوم مضى ، وينبغي ان نسعى اليه بمثابرة ، ان نوسع الإدراك لدينا  ولدى الناس كل الناس في العراق ، ان نوسع الفهم الوطني للشعب العراقي ، ان لا احد للعراق ولشعب العراق خارج الحدود الجغرافية للعراق وفي كل اتجاه. وان لا شعب غيره في الجوار يرتقي اليه بما يحمل من الصفات الطيبة والجيدة. فالكل ينظر اليه نظرة حسد وحقد وطمع. وان وسعنا هذا الإدراك ، وان شاء الله هذا ما سيحصل ، لا يبقى أمامنا غير ان نوحد الرأي كل الاّراء لان تكون عندنا حكومة وطنية تمثلنا كلنا دون تفريق او تميز ، تحقق لنا العدالة الاجتماعية ، تصون لنا حدودنا الجغرافية ، حدود العراق الواحد الموحد ، وتمنع تدخل الغير كل الغير في شؤوننا الوطنيّة

أحدث المقالات