قرار الحکومة العراقية بمنع سفر مسؤولي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات خارج البلاد، لحين انتهاء التحقيق في مزاعم تزوير الانتخابات البرلمانية، التي أجريت في 12 مايو الماضي، هو قرار صائب وفي محله خصوصا بعد الاعتراضات واسعة النطاق ضد نتائجها وإحتمالات التزوير و التلاعب بها، لکن من المهم جدا في حال کشف هکذا حالات(وهو أمر وارد) السعي لمعرفة الخيوط الاساسية ورائها، إذ أن الانتخابات التي تجري في العراق من بعد الاحتلال الامريکي، هي إنتخابات تعني الکثيرين ولذلك فإن العديد من الانوف تقحم فيها مع إختلاف نسبة الاقحام تبعا لحجم الدور و النفوذ في العراق.
التدخل في الانتخابات و تزوير أو تحريف نتائجها، مهنة لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية درجة عالية من التمرس بها، ولعل ماقد جرى في عام 2009 من إنتفاضة شعبية إيرانية واسعة النطاق إحتجاجا على نتائجها التي فاجأت الملايين من أبناء الشعب الايراني، يمکن إعتباره مثلا و نموذجا مفيدا و معبرا بهذا الخصوص، ولاسيما وإن مصطلح”هندسة الانتخابات”الشائعة في داخل إيران و التي تعني فيما تعني جعل النتائج مطابقة لما يريده النظام، وبعد النفوذ الايراني الاستثنائي في العراق و أهميته القصوى لطهران وخصوصا في الاوضاع الحالية الصعبة للنظام، فإن هذا النظام لايمکن أبدا أن يستثني الساحة العراقية من دسائسه المشبوهة هذه وبالاخص وهو يمتلك أذرع عديدة.
لماذا نشير بأصابع الاتهام للنظام الايراني في قضية تزوير الانتخابات العراقية التي جرت في 12 أيار الماضي؟ لاغرو إن هذا النظام وبعد أن رأى بأم عينيه مدى تصاعد حالة الرفض الشعبي العراقي له و الرغبة في إنهاء تدخلاته و دوره المشبوه في العراق، فإن هذا النظام قد بدأ يعد العدة و يأخذ إحتياطاته قبل الانتخابات، ولعل لجوئه للتزوير هو في مقدمة خياراته المتاحة، کما إن ظروفه و أوضاعه الداخلية و الخارجية الصعبتين على حد سواء تدفعه دفعا للتمسك بالساحة العراقية کي يستخدمها کورقة له أمام الدول الغربية و الاقليمية على حد سواء.
القضية أکبر من قضية التحقيق مع مسؤولي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، إنها قضية عبث إيراني بمستقبل العراق و بخيارات الشعب العراقي و إرادته الحرة، وهو يريد أن يستند على العکازة العراقية لتعينه على الوقوف على قدميه الخائرين بعد أن صار واضحا من إن الرفض الداخلي له أکبر مما کان يتصوره خصوصا وإنه يتزامن مع إقامة التجمع السنوي العام للمقاومة الايرانية في ال30 من حزيران الجاري في باريس#FreeIran2018، و الذي يهتم به الشارع الايراني کثيرا وقد يکون بمثابة السهم القاتل الذي يصيبه في سويداء قلبه، ولهذا فإنه يلجأ لکل شئ من أجل بقاء نفوذه في العراق و إستخدامه کدرع له ضد شعبه و العالم من أجل ضمان بقائه، ولاندري الى متى سيتیم تجاهل هذه الحقيقة المرة؟