19 ديسمبر، 2024 4:58 ص

القضاء يلاحق المخبر السري الكيدي

القضاء يلاحق المخبر السري الكيدي

احال مجلس القضاء الاعلى 498 مخبراً سرياً (كاذباً) في بغداد الى المحاكم، وهذا في العاصمة لوحدها، اعلن ذلك رئيس مجلس القضاء الاعلى مدحت المحمود.
وهو رقم كبير، ولكم ان تتصوروا كم بريئاً قبع في السجون والحق به الاذى جراء الاخبار الكاذب والوشاية التي لم يدقق فيها في وقت سابق.

لاشك ان هناك عدداً اخر قد يفلت من العقاب بفعلته الشنيعة، وهذا امر طبيعي بعد ان اعتمد المخبر السري من قبل الاجهزة المتخصصة للايقاع بالناس، وعدم التدقيق فيما كان يردها من هؤلاء وملاحقتهم عندما تبين زيف ادعاءاتهم وتقاريرهم التي كتبت ضد المواطنين الابرياء، المخبر السري كان الوجه الاخر للتقارير الحزبية في العهد المباد والتي راح ضحيتها الاف من ابناء شعبنا، ولكن العهد الجديد استعار هذا الاسلوب والطريق البشع لعجز اجهزته عن اداء مهماتها.

المهم ان اعلان القضاء بشأن احالة المخبر السري جاء تحت المطالبات الواسعة والضغط الشعبي لاغلاق هذا الباب المؤذي والذي يتناقض كلياً مع مبادئ حقوق الانسان والحريات العامة والحق في الاستناد الى الادلة والبراهين الصحيحة بالادانة والمحاسبة والاحالة الى المحاكم.

تمس الحاجة والحقوق العامة للمواطنين في معالجة آثار ونتائج الاستناد على المخبر السري بالادانة بمراجعة كل القضايا للمتهمين والموقفين للتأكد من سلامة الادعاء والادلة.

بما ان النقاش الان يدور بشأن مشروع قانون العفو في مجلس النواب من المفيد والضروري تضمينه فقرة بهذا الخصوص تعالج هذه الموضوعة معالجة سليمة وقانونية، فالمخبر السري لا وجود له في القوانين القضائية الرصينة الا في بعض البلدان وباضيق نطاق يكاد لا يذكر، ربما ليس قاعدة عامة مثلما عمل فيها في بلدنا للاسف الشديد.

في وقت سابق اشير اعلاميا الى ان بعض الاحكام الصادرة من القضاء استندت الى مخبر سري بالعشرات وفي مناطق مختلفة.. وهذا من المآسي التي وقعت بها الاجهزة الامنية والقضائية في عملها، الان الفرصة سانحة لتصحيح الاخطاء والاصلاح لما شاب كلا الجهازين من ثغرات وخطايا.

وايضا لا يكفي بمحاكمة هؤلاء غير الاسوياء، وانما ملاحقتهم للتعويض عن الاضرار التي الحقتها اخبارياتهم الكاذبة، هم والاجهزة التي صدقتها وبنت تحقيقاتها واحكامها عليها، ليكونوا عبرة لمن يعتبر، وكذلك الاعتذار من الضحايا علنا بنشره في وسائل الاعلام لرد الاعتبار المعنوي.

ان جزءاً من هذه الاخبار الزائفة كان لتمرير سياسات ومواقف لبعض السياسيين، وهذا ما ادركه مجلس القضاء، فتبصير الرأي العام ووضع هذه القضايا تحت تصرفه ليعالجها بالشكل الذي يمنع تكرارها والاستفادة من تجربتها والتثقيف والتوعية، والاهم الاعلان عن الاحكام التي يصدرها القضاء بحق هؤلاء المجرمين ليعرف الناس ان الامر لا يمر هكذا وبسلام لمن سولت له نفسه ايذاء الاخرين.

ان الاوضاع السياسية والصراع الطائفي والفوضى وضعف تطبيق القانون من العوامل التي اسهمت في انتشار ظاهرة المخبر السري وبحماية قانونية، وذلك عند عدم الكشف عنه بناء على رغبته، لذلك التشدد في هذه المسألة والمحاسبة على الاخبار الكاذبة سوف يحد منها الى ان تتحقق سيادة القانون والتقيد باحكامه ويشتد عود الاجهزة الامنية والتحقيقية.

 

أحدث المقالات

أحدث المقالات