26 نوفمبر، 2024 12:07 م
Search
Close this search box.

القضاء و المواجهة/8

القضاء و المواجهة/8

تُعبِر اللغة فضلا عن كونها وسيلة للأتصال هي تُعبِر عن طبيعة الاتصال في المستويات الاتية : ( المعرفية ، الثقافية ، الوظيفية ) فهي كما يعتبرها الكثيرون ما نعنيه بالثقافة بمعناها المعرفي و التعبيري ، و هنا تشكل اللغة في العلوم و الاختصاصات المتعددة السمة البارزة لشخصية كل علم ، و هكذا هي التعبير عن الطبيعة الثقافية و الاجتماعية خاصة عندما يتم الحديث عن اللغة الدارجة ، هذه المقدمة على الرغم من لغتها البحثية التخصصية إلا أنها ضرورية فيما نتحدث عنه في الحلقتين السابعة و هذه الثامنة من هذه السلسلة عن طبيعة الاتصال القضائي ، و جديرٌ بالذكرِ أن هذه المواجهة تتضح عندما نشير الى مَوجة من اللغة الانفعالية و العاطفية و التي تعبر عن التعبئة للثقافة الدنيا هي ما تشكل الخصم الذي على الاغلب يفتح حنجرته للصراخ بوجه القضاء ، و دعونا نعطي بعض الامثلة :

 ــ القضاء لا يعدم الارهابيين

ــ القضاء لا يحاسب الفاسدين

ــ القضاء لا يعتقل المطلوبين

       بل ان احد اعضاء مجلس النواب السابقين صرخ مرة بإعضاء مجلس القضاء الاعلى و اعضاء من المحكمة الاتحادية العليا قائلا : ( وينكم وين شغلكم ، متوفرونه خدمات الناس لا كهرباء لا مي لا شوارع نظيفة لا مجاري بيها خير ) قد يشكل هذا المثال طرفة للقارىء إلا انه يشكل حالة من الثقافة الاتصالية الشائعة التي على السلطة القضائية ان تواجهها بلغتها التي اشرنا الى شيءٍ من طبيعتها في الحلقة السابقة ، و يمكن في هذا السياق الاشارة ليس إلى طبيعة اللغة القانونية أو القضائية التي تعتمدها السلطة القضائية بل إلى ( كاريزما القاضي ) فهنا ينبغي إدراك أن القضاة مهما شعروا بإهمية محاكاة أو التعاطي مع اللغة الاعلامية أو الرأي العام إلا أنهم لن يتجاوزوا منهجا يشكل لغتهم و خطابهم عموما وهو المبدأ الذي قلنا عنه أنه يمثل لهم قداسة ما ، و هو ( هيبة القضاء و القاضي ) وهذا المبدأ بطبيعة الحال سيمنعهم من النزول أوعدم  القبول بإقل من خطاب يتناسب والبناء و الوظيفة التي تضطلع بها السلطة القضائية في الحياة و الدولة

أحدث المقالات